الحمد لله حمدًا يبلغ رضاه، ويوجب المزيد من مواهبه وعطاياه، ويؤدي حق نعمته ويتكفّل بالزلفى لديه في جنته، وصلّى الله على محمد نبيه المصطفى، ورسوله المنتخب المنتقى، وأمينه البشير المرتضى، وأهل بيته، وعلى جميع أنبيائه وإخوانه وحزبه، أفضل صلاة وأزكاها، وأرفعها درجة وأسناها وبعد.
إن موضوع البحث في التراث يشغل اهتمام الباحثين في شتى ميادين المعرفة، فهو يحمل بين طيّاته كثيرًا من القيم الأخلاقية والقيم الإنسانية والحضارية، التي تبرز شخصية الأمة وتحفظ مقوماتها، فالكثير منها لا زال مجهولًا لا يعرف مصيره أو مطمورًا ينتظر نفض الغبار عنه، وتكشف عن جوانبه المضيئة التي من شأنها أن تغني الحياة الفكرية والأدبية.
فالتعامل مع التراث لا يعني الصنمية والجمود بل يعني التعامل الواعي والنزاهة العلمية، التي تضع نصب عينيها كشف دقائق التراث، واستجلاء غوامضه، واستطلاع آفاقه، واستخلاص مستجداته. وهذا الاجتهاد هو الكفيل بمتابعة التطور الحضاري للأمة، وإزالة النقاب عن كثير من الآثار الأدبية التي لم تلق العناية والاهتمام اللازمين، فـ"علينا أن نحقق كل تراثنا، ونضعه بين يدي الأجيال المقبلة، لتنظر فيه كما نظر العالم في نصوص منه عاشت مهمشة زمنًا طويلًا قبل أن يتهيأ لها من ينفض عنها الغبار، ويكشف فيه غاب عن أجيال خلت"(١).
(١) من مقال لعلال الغازي، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ع: ١٨ السنة: ١٩٩١ م، ص: ٧٩.