لقد اختلف الشرّاح في المنهج الذي تبعوه في شروحهم من حيث كمية المادة المشروحة من الأصل، ومن حيث نوعها. وحتى في الكتاب الواحد لا تكاد تجد تطابقًا بين شارحين، إذ ذاك مقترن بطبيعة منهج الشارح، فهو حر في شرح متن المؤلَّف كله أو شرح مواقع يختارها منه، وكذلك كان شأن أحمد بن داود الجذامي في "الانتخاب".
والمعروف أن كتاب "أدب الكتَّاب" لابن قتيبة مؤلَّف من: خطبة المؤلِّف وأربعة كتب: كتاب المعرفة وكتاب تقويم اليد وكتاب تقويم اللسان وكتاب الأبنية. وقد حرص الجذامي على شرح جميع أبواب الكتاب، إلا نادرًا، وداخل الباب يشرح بعض الألفاظ ويهمل الباقي؛ لأنها لا تخرج عن سياقها، كما أنه اختصره غاية الاختصار، ولو شرحها لكانت حشوًا زائدًا. وقد تبيّن لنا ذلك من خلال تتبُّع أبواب الكتاب، وسأركز اهتمامي على الكتابين الأخيرين لأنهما موضوع بحثي.
كتاب تقويم اللسان: لم يذكره كعنوان ونرجح أنه غير مثبت في النسخة التي اعتمدها الشارح، ويضم: خمس وثلاثين بابًا شرحها الجذامي جميعها، وداخل كل باب كان يشرح بعض الألفاظ ويهمل أخرى.
وكتاب الأبنية: وقد أثبته الجذامي كعنوان، ويضم تسع وتسعين بابًا منها: خمس وأربعون تتعلق بأبنية الأفعال أهمل منها الشارح خمس أبواب، وأربع وأربعون بابًا تتعلق بأبنية الأسماء أهمل منها الشارح سبع أبواب. وهذا ما سنوضحه في الجداول الآتية: