للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقديم لدراسة وتحقيق كتاب "الانتخاب في شرح أدب الكتاب" أبي جعفر الجذامي السرقسطي (٥٩٨ هـ)

بقلم عبد العلي المسئول

أستاذ القرآن الكريم وعلومه بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس

إن الكلمة البانية المبثوثة في صدور الرجال أو المسطورة في مؤلفات تبقى حية أبد الدهر. ولقد طفق الناس يكتبون ما تعلموه وعلموه وجادت به قرائحهم في مصنفات لا تزال تتداولها الأيدي، وتدعو الأجيال لصحابها بالرحمة والمغفرة.

إنه جهاد الكلمة والحجة الذي يرجى فيه الإتقان، ومدار الأمر فيه على البيان، والتبين، والفهم والإفهام، ولذا قالوا: "القلم أحد اللسانين".

ولقد كان الكتبة المهرة يتخيرون الألفاظ الجيدة، والعبارة الجزلة للإفصاح عن أغراضهم، وبلوغ مقاصدهم، إذ يكفي من حد البلاغة أن لا يؤتى القارئ من سوء إفهام الكاتب، والمرء مخبوء تحت لسانه ومن وراء قلمه، فإذا تكلم وكتب جلّى عن نفسه وعُرِف. وكانوا يتواصون بالعبارة الظاهرة البينة، المأنوسة الاستعمال والمألوفة عند أهل البيان، الخالية من حوشي الكلام، مما تستكرهه الأسماع وتمجه الأذواق، ويتحامون الرأي الفطير، والكلام القضيب الخشيب، ويركنون إلى البائت المحكك.

ولقد كان أسلافنا الأقدمون يعدون اللحن في الكلام قادحًا في مروءة الإنسان، ويبينون كيفية عصمة اللسان من لحن العوام، ويوجبون على الناظر

<<  <  ج: ص:  >  >>