للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لطبيعة ثقافة الشارح، وما يميل إليه من أجل أن يتحقق لهم الغرض الذي ينشده كل منهم في شرحه. وقدمنا أن الزجاجي اقتصر على شرح الخطبة، والبطليوسي خصص جزءًا كاملًا لشرح شواهد الكتاب، ففصل الشاهد، وكذا فهم الشاهد بعيدًا عن سياقه. والجواليقي لم يفصل بين الشاهد واللفظة، غير أنه لم يتناول المادة اللغوية ولا الشواهد كاملة. غير أن الجذامي لم يفصل في شرحه بين المادة اللغوية والشاهد الشعري فجاء الشرح متينًا متسلسلًا. كما أن شرح ما لم يشرحه ابن السيد البطليوسي وأبو موهوب الجواليقي، مستندًا إلى شرح أستاذه داود بن يزيد السعدي، أو أبي علي القالي، أو تعليقات من كتب شتى كان يتصرف فيها تصرفًا كبيرًا، وهذا ما سيظهر من خلال هذه المميزات التي تم تجميعها من خلال دراسة الشرح وهي كالآتي:

١ - اهتم الجذامي بتهذيب المادة الشعرية التي أوردها ابن قتيبة، فأكمل منها ما جاء ناقصًا (ما يفوق ٢٠ بيتًا موزعًا على طول الشرح). ولم يكتف بإيراد البيت الذي جاء به المؤلِّف، بل كثيرًا ما كان يذكر بعض الأبيات التي تتقدمه أو تليه. وهذه طريقة لجأ إليها كثير من الشراح، إذ إن كثيرًا من الأبيات لا يمكن تفسيرها تفسيرًا صحيحًا، إلا بمعرفة ما سبقها أو ما يليها من بيت أو أبيات. وكان ذلك دأبه في مواضع كثيرة من الشرح، منها ما نقله عن ابن السيد ومنها ما أثبته هو. ونمثل لذلك بقوله: "أنشد ابن قتيبة (١) للفرزدق: (بسيط)

لَوْلَا ابْنُ عُتْبَةَ عَمْرُو وَالرَّجَاءُ لَهُ … مَا كَانَتْ البَصْرَةُ الحَمْقَاءُ لِي وَطَنَا

(البطليوسي) (٢): يمدح بهذا البيت عمرو بن عتبة ويذم البصرة وينسبها إلى الحمق ..

(الشارح) وبعده: (بسيط)

فَجُودُهُ مُتْعِبٌ شُكْرِي وَمِنَّتَهُ … وَكُلَّمَا ازْدَدْتُ شُكْرًا زَادَنِي مِنَنَا

يَرْمِي بِمِنَّتِهِ أَقْصَى مَسَافَتِهَا … وَلَا يُرِيدُ عَلَى مَعْرُوفِهِ ثَمَنَا" (٣)


(١) الانتخاب: ٢٧١.
(٢) الاقتضاب: ٣/ ٢٧٢.
(٣) الانتخاب: ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>