للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتفق، ولكنه عمل على تسخير ثقافته في خدمة الشرح، فعلق واستدرك وانتقد وعارض وأيّد وخطّأ وأثبت الصحيح.

وهذا الأخذ والرد من أقوال العلماء واللغويين لدليل على توقفه عند كل قول، وتثبته من كل شيء يرويه، والأمثلة على ذلك كثيرة من كتاب

"الانتخاب" منه قوله: " … وَتَفْسِيرُ ابْنِ دُرَيْدٍ عِنْدِي أَصَحُّ. . ." (١). و ". . . وَالَّذِي قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ هُوَ الصَّحِيحُ … " (٢). و " … وَقَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَشْبَهُ بِالاشْتِقَاقِ. . ." (٣). و " … وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْأَصْمَعِيّ رَاجِعًا إِلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْمَعْنَى … ". و" … وَلَا أَعْرِفُ ذَلِكَ مَرْوِيًا عَنْ أَبِي عَلِيٍّ وليس بممتنع يجعله من قولك: حَمَلْتُ الشَّيْءَ عَنِ الرَّجُلِ، وهو راجع إلى المعنى الأول … ". ". . . وكان الأصمعي مُولَعًا بالطَّعْنِ على ذي الرمة. . ." (٤).

وهو يدلي برأيه في أغلبها ومنه قوله: " … واشتقاقها عندي من قولهم: مَرْؤَ الطعام ومَرِئَ" (٥). ويرجح أحد الأقوال كقوله: "و … والقول ما قال سيبويه؛ لأن الكلام جرى كالمثل والأمثال قد تخرج على القياس فَتُحْكَى كما سُمِعَتْ. . ." (٦). وهذا الرد البسيط والموجز لم يلغ حضور الجذامي القوي من خلال تدخله الواضح في شرح مفردات اللغة والإعراب، إذ قد نجده يستغرق الصفحات في ذلك.

كما أن شخصيته برزت في أنه لم يكتف بما نقله، بل إنه يتدخل في الشرح، وذلك لإتمام ما جاء ناقصًا من قول ابن قتيبة، أو لينسب ما لم ينسبه، أو لتصحيح خطئه، أو لتعضيد قوله، كما في "باب ما يضعه الناس في


(١) الانتخاب: ٣٢.
(٢) الانتخاب: ٩١.
(٣) الانتخاب: ٩١.
(٤) الانتخاب: ٥٦٧.
(٥) الانتخاب: ٢٦.
(٦) الانتخاب: ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>