للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"شرح الجمل"، وله في العروض تأليف، توفي بفاس في ١١ شوال من سنة (٦٠٤ هـ) ودفن بعدوة القرويين (١).

هذه ترجمة لأساتذة الجذامي قدّمناها بين يدي هذا البحث لما تتيحه من إضاءة الجوانب العلمية في سيرته، ولم نجد فيما وصلنا عنه أنه عمل لأحدهم ترجمة أو صرح بالأخذ عنه وتبرير ذلك في أن الشرحين الذين وصلانا عنه لم يفتحا مجالًا لذلك، أو أنه قدم لهم ترجم إلا أنها ضاعت مما ضاع من آثاره، فنحن نكاد نجزم أن كاتبًا من هذا المستوى من العلم لم يكن ليكتفي بشرحين فقط، بل لا بدّ وأن له كتابات وتصانيف أخرى، أو تقييدات لم تصل أيدي النجدة إليها إلى الآن.

وقد تلقى الجذامي العلم عنهم بطرق الأخذ المعروفة وكيفية التحمل المعهودة ما بين قراءة وسماع وإجازة؛ فقد تلقّى عن أبي سليمان بن يزيد السعدي مباشرة، وذلك أثناء حلول أبي سليمان بباغة، كما أن كثرة النقول التي وجدناها في "الانتخاب" تدل على أنه أقرأ "أدب الكتاب" لطلبته ومنهم الجذامي، وكانت تلك النقول شروحًا وتعليقات قدمها أبو سليمان للطلبة، خاصة وأن "أدب الكتاب" كان مادة أساسية وثابتة في المقررات التعليمية التي كانت تدرس ويعتنى بها رواية وحفظًا.

وقد كان الجذامي ملازمًا لأستاذه، فقد كان يقرأ عليه ما كان يستنسخه، وهي طريقة تعتمد المقابلة الشخصية، وقد وجدنا دليلًا على ذلك في خاتمة "شروح سقط الزند" المخطوط بقلم ناسخه: "نقلت هذا الكتاب من أصل الفقيه الأجلّ الأستاذ الأعرف الأكمل أبي جعفر أحمد بن داود الجذامي، وكان عليه بخط يده أنه قابله بأصل الأستاذ أبي سليمان بن يزيد السعدي، وقرأه عليه قراءة تفهُّم لمعانيه وتصحيح لألفاظه" (٢).

أما الأستاذ أبو ذر الخشني الجياني فكان ممن أسسوا البنيان العلمي


(١) التكملة: ٢/ ٧٠٠ (ت ١٠٩٨)؛ جذوة الاقتباس: ٣٦٦.
(٢) شروح سقط الزند، مخطوط بالخزانة العامة بالرباط قسم الوثائق، رقم: ١٦٤، ق: ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>