للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان الفقهاء رجال دين وعمل؛ إذ منهم من يشرف على الفلاحة والمساحة: "وأمر أمير المؤمنين أبا القاسم أحمد بن محمد القاضي، وأبا بكر محمد بن يحيى بن الحذاء الإمام بمسجد الموثق لأمانتهما ودياتهما ومعرفتهما بالمساحة والتكسير والفلاحة أن يختطا له ما يتصل بهذه القصور والمباني من الأرض البيضاء" (١).

كما كَثُر الاهتمام بالتنجيم وعلم الهيئة والفلك، وقد استعين بها في جميع أحوال الناس وفي معرفة الأزمنة، وأمر الخليفة ببناء أول مرصد بمسجد إشبيلية استجابة للخصاص في هذا المجال.

هكذا كانت العلوم والفنون مزدهرة على عهد الموحدين، قال المقري: "وأما حال الأندلسيين في الفنون والعلوم فتحقيق الإنصاف في شأنهم في هذا الباب أنهم أحرص الناس على التميز" (٢). "ولمع في النحو في هذا العصر نحاة مشهورون منهم: أبو موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي المراكشي صاحب المقدمة الجزولية، وظهرت في هذا العصر مدارس نحوية هنا وهناك تفرّدت بآراء خاصة في بعض مسائل الإعراب وغيره؛ فهذه مدرسة فاس التي سيختلف أهلها مع مدرسة تلمسان في مسألة صرف أبي هريرة، وهذه مدرسة سبتة التي تخالف الجمهور في ضم النكرة المقصودة إذا نوّنت اضطرارًا، وهذه مدرسة طنجة التي توجه أسئلة نحوية إلى مدرسة إشبيلية، وأخيرًا هذه مدرسة المغرب بعامة التي لا تسمي لولا شرطًا ولا لو إلا إذا كانت بمعنى إن" (٣).


(١) نفسه: ٣٧٤.
(٢) نفح الطيب: ٥/ ٣٧.
(٣) النبوغ المغربي: ١/ ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>