للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أعادوا الحياة إلى مدينة قرطبة وإشبيلية من قصور فخمة وجسور، ومنها الجسر العظيم الذي يربط بين إشبيلية وقرية الشرف، وقصبة إشبيلية، وبناء الأسواق. واهتموا ببناء المساجد، ومنها المسجد العظيم بإشبيلية الذي عهد الإشراف على فنونه للطبيب ابن زهر، "وتعطل بناؤها إلى أن وصل أبو بكر بن زهر من حضرة أمير المؤمنين، وقد أمر بإعادة بناء الصومعة المذكورة، وبناء ما اختلّ من الجامع، وأمر في مدة إقامته بإشبيلية بعمل التفافيح الغريبة الصنعة، العظيمة الرفعة، الكبيرة الجرم، المذهبة الرسم، الرفيعة الاسم والجسم" (١).

واستقر السيدان والشيخ أبو يعقوب بقرطبة، فأمروا ببنيان قصورها وعمارتها وحماية ثغورها، وجلبوا البنّائين والعرفاء لبناء القصور والدور من خرابها، وإعادتها على ترفيع قبابها وصرف حالتها من مشيبها إلى شبابها (٢).

كما بنوا جامع الكتيبة بمدينة مراكش، وجامع إشبيلية، وقد بنوهما شكرًا لله على انتصاراتهم.

كما اهتم الموحدون بتقوية الأسطول الحربي اهتمامًا كبيرًا؛ وذلك لأنه يضمن القوة البحرية التي ساندتهم في حروبهم، وكان أن صنعت قطائع من مختلف الأشكال والأنواع بالمصانع الخاصة، كما اهتموا بميدان المواصلات، فأقاموا شبكة طرقية تربط مختلف أجزاء الإمبراطورية في ظروف يسيرة.

كما اهتموا بالبريد حيث يعين موظفون لذلك يسمون بالرقاصين، وقد تمّ اختيارهم بتحرِّ شديد؛ لأن وظيفتهم كانت تعتبر من أشرف الوظائف؛ فقد كان يمنع عليهم الإساءة إلى سمعة وظيفتهم، وكان هناك رقاص استثنائي لإيصال الأشياء الهامة.


(١) المن بالإمامة: ٣٩٢.
(٢) المن بالإمامة: ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>