للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اهتموا بالمصحف الكريم حتى أنهم أنفقوا عليه الكثير لتزيينه: "وقد قام أمامه مصحف صاحب رسول الله عثمان بن عفان على حمل مرتفع، وقدام هذا المصحف مصحف الإمام المهدي ، وعلى مصحف عثمان حلة حمراء تصونه، والمصحف المكرم منظم حول حفاظه بالجوهر النفيس والياقوت الأحمر والأصفر والأخضر والزمرد الأخضر النفيس العجيب، وقد جلبت أحجار الياقوت والزمرد والجوهر إلى الخليفة الأول الرضى" (١).

وقد اهتم الموحدون بمجال العمارة، وكانوا حريصين على تخليد اسمهم في هذا المجال وكان بناء المدن الهم الأول في ذلك، وقد تظافرت جهود المهندسين المعماريين من المغرب والأندلس لتنفيذ خطة الإعمار، واستنفروا جميع العملة والبنائين والنجارين والعرفاء والاختصاصيين في الغراسة، وتم بناء مدينة جبل طارق: "وأحكم البنّاؤون في بناء القصور المشيدة والديار، واخترعوا في أسسها طيقانًا والحنايا لتعتدل بها الأرض، مبنية بالحجر المنجور والجيار مما هو عجيب في الآثار، وكما قيل: الملوك تبني على قدرها من الأقدار، وبما لو عاينها المتقدمون من آل عاد بن شداد لأقروا بالعجز وفضولهم على الذين بنوا القصر من سندان (٢).

وقد كانت المطحنة الهوائية، وهي عبارة عن رحى تسير بالهواء لطحن الأقوات والتي صنعها المهندس الحاج يعيش في أعلى جبل طارق مظهرًا من مظاهر النهضة الميكانيكية.

كما وقف الموحدون على بناء مدينة المهدية رباط الفتح، وأتقنوا البناء، وجلبوا إليها الماء وزوّدوها بقنطرة ربطت بينها وبين مدينة سلا. وكذلك مدينة مراكش التي كانت إذ ذاك عاصمة الدولة، وقد نالت قسطًا كبيرًا من الاهتمام، لكون الاستقبالات الرسمية كانت تقام بها.


(١) المن بالإمامة: ٣٥٠.
(٢) المن بالإمامة: ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>