وَرَوَاهُ الأَصْمَعِيُّ وَأَبُو زَيْدٍ: "مُحَرْزَقٌ" بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ (١).
"وَكَانَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيبانِيُّ يَرْوِيهِ بِتَقْدِيم الزَّاي عَلَى الرَّاءِ. فَقِيلَ ذَلِكَ لأبي زَيْدٍ، فَقَالَ: أَبُو عَمْرٍو أَعْلَمُ بِهَذَا مِنَّا، يُرِيدُ أَنَّ أُمَّةَ نَبْطِيَّةً، فَهُوَ عَالِمٌ بِلُغَةِ النَّبْطِ" (٢).
وَقَوْلُهُ: "فَذَاكَ" إِشَارَةٌ إِلَى مَا ذَكَرَهُ قَبْلَ هَذَا البَيْتِ مِنْ مُلكِ النُّعْمَانِ وَقُدْرَتِهِ. وَذَلِكَ قَوْلُهُ: (طويل)
وَلَا المَلِكُ النُّعْمَانَ يَوْمَ لَقِيتُهُ … بِإِمَّتِهِ يُعْطِي القُطُوطَ وَيَأْفِقُ (٣)
وَتُجْبَى إِلَيْهِ السَّيْلَحُونَ وَدُونَهُ … صَرِيفُونَ فِي أَنْهَارِهَا وَالخَوَرْنَقُ
ثُمَّ قَالَ بَعْدُ أَبْيَاتٍ؛ "فَذَاكَ". وَمَعْنَاهُ: فَذَاكَ مُلْكُهُ، أَوْ فَمُلْكُهُ ذَاكَ. فَارْتَفَعَ "ذَاكَ" عَلَى خَبَرِ مُبْتَدِإ مُضْمَرٍ، وَعَلَى الابْتِدَاءِ وَإِضْمَارِ الخَبَرِ. وَالضَّمِيرُ فِي "أَنْجَى" يَعُودُ عَلَى الْمُلْكِ، أَيْ: مَا نَجَّى المُلْكُ مِنَ الْمَوْتِ رَبَّهُ.
وَيُرْوَى: "هُنَالِكَ مَا أَنْجَتْهُ عِزَّةُ رَبِّهِ". وَرَوى أَبُو عُبَيْدَةَ (٤): "هُنَالِكَ لَمْ ينْفَعُهُ كَيْدٌ وَحِيلَةٌ"" (٥).
"وَقَبْلَ بَيْتِ رُؤْبَةَ (٦) يُخَاطِبُ الحَارِثُ بْنَ سُلَيْم الهُجَيْمِيِّ:
إِلَيْكَ أَشْكُو شِدَّةَ المَعِيشِ … وَمَرَّ أَعْوَامِ نَتَفْنَ رِيشِي (٧)
نَتْفَ الحُبَارَى عَنْ قَرًى رَهِيشِ … حَتَّى تَرَكْنَ أَعْظَمَ الجُؤْشُوش
حُدْبًا عَلَى أَحْدَبَ كَالعَرِيشِ … غَثِّ ضَعِيفٍ جِبْلَةِ النَّطِيشِ
"القَرَا": الظَّهْرُ وَ "الرَّهِيشُ": الَّذِي يَرْتَهِشُ مِنَ الهُزَالِ.
(١) اللسان (حرزق). وهي رواية البصريين كما في شرح الجواليقي: ٢٥٢.
(٢) اللسان (حرزق)؛ شرح الجواليقي: ٢٥٢.
(٣) ديوانه: ٢٦٩؛ العين: ٥/ ٢٧٧؛ الاقتضاب: ٣/ ٣٢٥؛ السيلحون: قرية. الخورنق: قصر النعمان.
(٤) أبو عبيد في الاقتضاب: ٣/ ٣٢٦.
(٥) الاقتضاب: ٣/ ٣٢٥ - ٣٢٦.
(٦) أدب الكتاب: ٥٠٢.
(٧) الأبيات في ديوانه: ٧٨ - ٧٩. ويروى: "جهد أعوام برين - نتف - غثا - حيلة".