للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرَ أَبُو عُمَرَ الْمُطَرِّزُ أَنَّ أُمَامَةً وَهِنْدًا فِي هَذَا الْبَيْتِ جَبَلَانِ (١).

د: الْخَطَّابِيُّ: "أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَنْ ثَعْلَبٍ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: هُنَيْدَةُ الْمِائَةُ مِنَ الْإِبِلِ وَلَا تَصْرِفْهَا، وَهِنْدٌ مِائَتَانِ مِنَ الْإِبِلِ وَاصْرِفْهَا" (٢).

وَالسَّرَفُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قَالَ قَوْمٌ هُوَ الْخَطَأُ هَا هُنَا، مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا يُخْطِئُونَ فَيَضَعُونَ الْنِّعْمَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا كَقَوْلِ الْآخَرِ: (بسيط)

إنَّ الصَّنِيعَةَ لَا تَكُونُ صَنِيعَةً … حَتَّى تُصِيبَ بِهَا طَرِيقَ الْمَصْنَعِ (٣)

وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: "وَالسَّرَفُ هَا هُنَا الْخَطَأُ" (٤):

أَرَادَ أَنَّ السَّرَفَ الَّذِي هُوَ الْإِكْثَارُ وَالإِفْرَاطُ لَا يَصْلُحُ مَا هُنَا لِأَنَّ الْمَمْدُوحَ لَا يَمْدَحُ بِأَنَّهُ لَا يُكْثِرُ العَطَاءَ وَإِنَّمَا يُمْدَحُ بِأَنَّهُ يُكْثِرُ وَيُفْرِطُ، وَلِذَلِكَ تُشَبِّهُ الشُّعَرَاءُ المَمْدُوحَ بِالْبَحْرِ وَالْمَطَرِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ حَبِيبٍ (٥): (وافر)

لَهُ خُلُقٌ نَهى الْقُرْآنُ عَنْهُ … وَذَاكَ عَطَاؤُهُ السَّرَفُ الْبِدَارُ (٦)

فَلَمَّا اسْتَحَالَ أَنْ يُحْمَلَ الْبَيْتُ عَلَى هَذَا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ السَّرَفَ الَّذِي مَعْنَاهُ الْخَطَأُ.

وَأَمَّا أَبُو حَاتِمٍ، فَتَأَوَّلَ السَّرَفَ الْإِكْثَارَ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ إِنَّهُمْ لَا يَسْتَكْثِرُونَ مَا يَهَبُونَ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لِجَلَالَةِ أَقْدَارِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ قَلِيلًا، فَتَقْدِيرُهُ عَلَى قَوْلِهِ: مَا فِي عَطَائِهِمْ مَنٌّ وَلَا سَرَفٌ عِنْدَهُمْ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ حَذَفَ" (٧).


(١) الاقتضاب: ٣/ ١٥٥.
(٢) غريب الحديث للخطابي: ١/ ٨٨.
(٣) البيت بدون نسبة في الخيل لابن الكلبي: ٢٥٠، ول (صنع).
(٤) أدب الكتاب: ١٧٤.
(٥) هو حبيب بن أوس الطائي، أبو تمام وقد تقدمت ترجمته.
(٦) ديوانه أبي تمام بشرح التبريزي: ٢/ ١٥٦.
(٧) الاقتضاب: ٢/ ٩٥؛ العباب للصغاني: ٣٢٤ - ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>