الجذامي الفلكية من خلال الإطالة في الشرح وإيراد الأسماء المختلفة للنجوم والشهور والأفلاك والليالي والأيام. كما أن الجذامي أحاط بعلم النبات وما يرتبط به، حيث لاحظنا معرفته بأنواعه وبمكان تواجده وأسمائه المختلفة.
كما برزت ثقافته حول الحيوان وخاصة الخيل، فقد فصل في ذلك أحوالها وشياتها وأسمائها وأنسابها والطير وأشكاله وأسمائه، وفي الحشرات وأسمائها.
كما تجلّت معرفته بأحوال عيش العرب بذكر مساكنهم والآلات التي يستخدمونها وعاداتهم في الأكل والشرب، ومشاربهم وأدواتهم في القياس والذرع.
كما أنه أبان عن معرفته بالطب، فقد أورد من ذلك تأثير النجوم في الأجسام في ذكره للاحتجام وارتباطه بليالي الشهر، وأورد حديثًا لرسول الله ﷺ:(يُحْتَجَمُ لِسَبْعَ عَشَرَةَ)(١). هكذا نلمس ثقافة الجذامي الموسوعية من خلال هذه الإشارات، وهي تعكس التنوُّع في مشاربها وتعدد روافدها كما سبق أن أشرنا إلى ذلك.
أما الميزة الثانية التي اتسمت بها ثقافة الجذامي وهي الأصالة، فنلمسها في عودة الجذامي إلى أصول كل ما يرويه، فنجد اعتماده على الكتاب والحديث لتأصيل القواعد الفقهية والمسائل النحوية واللغوية، واعتماده على أصول المدرستين النحويتين: البصرة والكوفة، واعتماده على آراء أصحابها أعمدة النحو كسيبويه والمبرد وابن جني. وكذلك اعتماده على العلماء الرواد في كل علم: كأقليدس في الرياضيات، وأرسطاطاليس في الفلسفة، وأبي عبيدة وأبي عبيد والأصمعي في اللغة، وغيرهم، وأورد شواهد للعربية من الأعراب الرواة المؤصلين للسان العربي.
وكان أصيلًا في لغته وأسلوبه، ولم يتأثر بلغة الأندلس التي عرفت تسرب الثقافة الإسبانية آنذاك وانتشار العامية، وبقي محافظًا على أسلوب القرن