للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِي: فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَا أَفْعَلُ هَذَا الْبَتَّةَ، قَالَ: مَعْنَاهُ الْقَطْعَةُ؛ أَي قَطَعْتُ هَذَا الْأمْرَ قَطعَةً وَتَرَكْتُهُ، وَالْبَتْلَةُ قَرِيبَةُ المَعْنَى مِنْ الْبَتَّة. وَالْبَتْلُ: الْقَطْعُ وَيُقَالُ أَمْرَأَةٌ بَتُولٌ: أَيْ تَارِكَةٌ لِلنِّكَاحِ قَاطِعَةٌ لَهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِمَرْيَمَ بَتُولٌ، وَقِيلَ لِفَاطِمَةَ ذَلِكَ تَشْبِيهُا بِمَرْيَمَ ، فَتَكُونُ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَوْلُهُمْ فِي صِفَةِ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءُ الْبَتُولُ أَي الْمَقْطُوعَةُ عَنِ الرِّجَالِ، فَتَكُونُ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ عَلَى قَوْلِهِ" (١).

قوله: "بَتَّةً".

ط: "عَوَّلَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي هَذَا عَلَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ فَلِذَلِكَ قَالَ: بَتَّةً بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ، وَكَانَ سِيبَوَيْهُ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ إِلَّا الْبَتَّةَ بِالْأَلِفِ وَاللَّام (٢). وَذَكَرَ الْفَرَّاءُ أَنَّهُمَا لُغَتَانِ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ مَا خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيح" (٣) " (٤).

ع: قَوْلُهُ: بَتَّةً، كَذَا وَقَعَ وَالصَّوَابُ: الْبَتَّةُ لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ لَمْ يَسْتَعْمِلْ هَذَا الْمَصْدَرَ إِلَّا بِالْأَلِفِ وَاللَّام كَالْجَمَّاءِ الْغَفِيرِ وَنَحْوِهِ (٥).

ع: "صَدَقَةٌ بَتْلَةٌ: أَيْ مَقْطُوعَةٌ لَا رُجُوعَ فِيهَا" عَنِ الْفَرَّاءِ (٦).

قوله: "كَمَا تَدِينُ تُدَانُ" (٧).

ابْنُ الْأَنْبَارِي: "الدِّينُ الْجَزَاءُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٠)(٨) أَيْ مَجْزِيِّينَ وَأَنْشَدَ: (هزج)


(١) غريب الحديث: ٤/ ١٩؛ الزاهر: ٢/ ٥٣؛ تهذيب اللغة: ١٤/ ٢٥٨؛ الصحاح: (بتت).
(٢) الكتاب: ١/ ٣٧٩.
(٣) صحيح الإمام مسلم: هبات (ح ٢٤) ٣/ ١٢٤٦؛ صيد (ح ٢٧) ٣/ ١٥٣٩.
(٤) الاقتضاب: ٢/ ٣٤.
(٥) الكتاب: ١/ ٣٧٩ - ٣٨٠.
(٦) غريب الحديث لأبي عبيد ٤/ ١٩.
(٧) مجمع الأمثال: ٢/ ١٥٥؛ المستقصى: ٢٧٠؛ جمهرة الأمثال: ٢/ ١٦٨؛ الزاهر: ١/ ٢٧٧، ل (دين).
(٨) سورة الواقعة (٥٦): الآية ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>