للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَجِبُ عَلَى هَذَا إِنْ لَمْ يَكُنِ ابن قُتيبةَ قَدْ أَنْشَدَهُ مِنْ شِعْرٍ آخَرَ أَنْ يَكُونَ: "وَتَأْوِي إِلَى زُغْبٍ" بِتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ. وَيَعْنِي "بِمَسْقَاهَا": حَوْصَلَتُهَا. وَ "كَتِيبٌ": مُوَثَّقٌ. يُقَالُ: كَتَبْتُ القِرْبَةَ: إِذَا خَرَزَهَا. وَ "العِصَامُ": الخَيْطُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ القِرْبَةُ إِذَا مُلِئَتْ" (١).

قَوْلُهُ: "وَلَمْ نَجِدْ يَاءً بَعْدَهَا وَاوٌ" (٢) الكَلَامَ.

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ فِي "مَسَائِلِهِ الحَلَبِيَّةِ": "لَمْ تَجِيءِ العَيْنُ يَاءً وَاللَّامُ وَاوًا فِي اسْمٍ وَلَا فِعْلٍ. وَأَمَّا "حَيْوَةُ" لِلاسْمِ العَلَمِ وَالحَيَوَانُ. فَالوَاوُ بَدَلٌ مِنْ يَاءٍ، وَقَدْ جَاءَ عَكْسُ هَذَا كَثِيرًا، نَحْوُ: "طَوَيْتُ"، وَ "لَوَيْتُ"، وَ "رَوَيْتُ". وَجَاءَتِ الوَاوُ فَاءً وَاليَاءُ عَيْنًا فِي: "وَيْلٍ" و "وَيْحٍ" وَ "وَيْسٍ". وَعَكْسُ هَذَا قَوْلُهُمْ: يَوْمٌ. وَقَرَأْتُ بِخَط مُحَمَّدِ بن يَزِيدَ يُوحٌ فِي اسْمِ الشَّمْسِ بِاليَاءِ، وَالمَشْهُورُ "بُوحٌ" بِالبَاءِ مُعْجَمَةٍ بِوَاحِدَةٍ" (٣).

وَكَذَلِكَ حَكَى أَبُو عَلِيٍّ فِي "البارع" (٤). وَحَكَى أَبُو عُمَرَ المُطَرِّزُ: "يُوحٌ" كَالَّذِي حَكَاهُ الفَارِسِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بن يَزِيدٍ. وَيُرْوَى إِنَّ المعرِّيَّ لَمَّا قَالَ: (وافر)

وَيُوشَعُ رَدَّ بُوحًا بَعْضَ يَوْمٍ … وَأَنْتَ مَتَى سَفَرْتَ رَدَدْتَ يُوحَا (٥)

اعْتُرِضَ فِي ذَلِكَ بِبَغْدَادَ وَنُسِبَ إِلَى التَّصْحِيفِ، وَاحْتُجَّ عَلَيْهِ بِكِتَابِ "الأَلْفَاظِ" (٦) لِيَعْقُوبَ، فَقَالَ لَهُمْ: "هَذِهِ النُّسَخُ الَّتِي تَقْرَؤُونَهَا مُغَيَّرَةٌ غَيَّرَهَا شُيُوخُكُمْ، وَلَكِنْ أَخْرِجُوا مَا فِي الخِزَانَةِ مِنَ النُّسَخِ العَتِيقَةِ، فَأَخْرَجُوا النُّسَخَ القَدِيمَةَ فَوَجَدُوهَا كَمَا قَالَ" (٧).


(١) الاقتضاب: ٣/ ٤٣١، وتتمته في ص ٤٢٢ مطبوعة خطأ.
(٢) أدب الكتّاب: ٦٠٦.
(٣) المسائل الحلبيات: ٩ - ١٠.
(٤) البارع: ٧١٢.
(٥) شروح السقط: ١/ ٢٧٨؛ كتاب التنبيه والإيضاح: ١/ ٢٨٠.
(٦) قال يعقوب في: "باب صفة الشمس وأسمائها" في كتابه الألفاظ: ٣٩٠. "ويقال: قد طلعت يوح بالياء غير مصروف، فالصواب على ما ذكر، وفي النسخ بوح.
(٧) الاقتضاب: ٢/ ٣٣٦ - ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>