لَكِنْ غَذَاهَا اللَّبَنُ الخَرِيفُ … وَالمَحْضُ وَالقَارِصُ وَالصَّرِيفُ
فَلَمَّا سَمِعَتْهُ الأَنْصَارُ يَذْكُرُ التُّمَيْرَاتِ وَالرَّغِيفَ عَلِمُوا أَنَّهُ يُعَرِّضُ بِهِمْ، فَاسْتَنْزَلُوا كَعْبَ بن مَالِكٍ، فَنَزَلَ كَعْبُ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:
لَمْ يَغْذُهَا مَدٌّ وَلَا نَصِيفُ … وَلَا تُمَيْرَاتٌ وَلَا تَعْجِيفُ (١)
لَكِنْ غَذَاهَا حَنَظَلٌ نَقِيفُ … وَمَذْقَةٌ كَطُرَّةِ الخَنِيفِ
تَنْبُتُ بَيْنَ الزَّرْبِ وَالكَنِيفِ
فَكَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَافَ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ فَقَالَ: ارْكَبَا" (٢).
وَيُرْوَى: "لَبَنَ الخَرِيفِ"، عَلَى الإِقْوَاءِ. وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِهِ لأَنَّهُ أَدْسَمُ مِنْ لَبَنِ سَائِرِ الفُصُول. وَالمَحْضُ مِنَ اللَّبَنِ: مَا لَمْ يُخَالِطهُ المَاءُ حُلْوًا كَانَ أَوْ حَامِضًا. وَ "الصَّرِيفُ": اللُّبَنُ حِينَ يُنْصَرَفُ بِهِ عَنِ الضَّرْعِ حَارًّا. وَ "التَّعْجِيفُ": أَنْ تُطْعَمَ الإِبِلُ العِجَافُ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ. وَ "الحَنْظَلِ": شَجَرٌ. وَ "النَّقِيفُ": المَكْسُورُ. وَ "مَذْقَةٌ": قِطْعَةٌ مِنَ اللَّبَنِ تُمْزَجُ بِالمَاءِ. وَ "الخَنِيفُ": ثَوْبٌ يُصْنَعُ مِنَ الكَتَّانِ الرَّدِيءِ. وَ "طُرَّتُهُ": حَاشِيَّتُهُ الَّتِي لَا هُذْبَ فِيهَا. شَبَّهَ بِهَا اللَّبَنَ لأَنَّهُ إِذَا مُزِجَ بِالمَاءِ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَصَارَ أَغْبَرَ. وَطُرَّةُ الخَنِيفِ كَذَلِكَ، لَيْسَتْ بِنَاصِعَةِ البَياضِ. وَ "الكَنِيفُ": حَظِيرَةٌ تُعْمَلُ لِلإِبِلِ مِنْ خَشَبٍ. وَ "الزَّرْبُ": حَظِيرَةٌ لِلْغَنَمِ.
وَقَوْلُهُ:
تَنْبُتُ بَيْنَ الزَّرْبِ وَالكَنِيفِ
يُريدُ أَنَّ دُرُورَ تِلْكَ المَذْقَةِ وَتَوَلُّدَهَا مِمَّا تُعْلَفُهُ الشِّاءُ وَالإِبلُ فِي الزُّرُوبِ
= الجمهرة: ٣/ ٨٣. اللسان: (نصف). وبدون عزو في: الجمهرة: ٢/ ٣٥٦.
(١) الأبيات في ديوانه: ٢٣٣، لكن البيت الثاني: "ولا تميرات ولا تعجيف" لا يوجد في الديوان. والأبيات في: الأغاني: ١٦/ ٢٣٠، و ٢٤٥؛ الجمهرة: ٢/ ١٠١؛ الاشتقاق؛ ٢٢٣؛ المقاييس: ٣/ ٤٣٢؛ الفصول والغايات: ١٥٣.
(٢) الخبر منقول عن الجواليقي في شرحه: ٢٨٦.