وإهداء البدن، والإهلال بالحجّ والعمرة، وكانت نزار تقول إذا ما أهلّت:«لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك، إلّا شريكا هو لك، تملكه وما ملك».
وكان أوّل من غيّر دين إسماعيل، ونصب الأوثان، وسيّب السّائبة، ووصل الوصيلة، عمرو بن ربيعة، وهو لحيّ بن حارثة، وهو أبو خزاعة، وكانت أمّ عمرو بن لحي فهيرة بنت عامر بن الحارث، وكان الحارث هو الّذي يلي أمر الكعبة، فلمّا بلغ عمرو بن لحيّ، نازعه في الولاية، وقاتل جرهم بن إسماعيل، فظفر بهم، وأجلاهم عن الكعبة، ونفاهم من بلاد مكّة، وتولّى حجابة البيت من بعدهم، ثمّ إنّه مرض مرضا شديدا، فقيل له: إنّ بالبلقاء من أرض الشّام حمّة (١) إن أتيتها برئت. فأتاها فاستحمّ بها فبرأ، ووجد أهلها يعبدون الأصنام، فقال: ما هذه؟ فقالوا: نستسقي بها المطر، ونستنصر بها على العدوّ.
فسألهم أن يعطوه منها، ففعلوا، فقدم بها مكّة، ونصبها حول الكعبة، واتّخذت العرب الأصنام.
وكان أقدمها مناة، وكان منصوبا على ساحل البحر من ناحية المسلك بقديد بين مكّة والمدينة، وكانت العرب جميعا تعظّمه، والأوس والخزرج، ومن نزل المدينة ومكّة، وما والاها، ويذبحون له، ويهدون له.
قال هشام: وحدّثنا رجل من قريش، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن أبي عبيدة بن محمّد بن عامر بن يسار، قال: كانت الأوس والخزرج، ومن يأخذ مأخذهم من العرب من أهل يثرب وغيرها، ويحجّون، فيقفون مع النّاس المواقف كلّها، ولا يحلقون رؤوسهم، فإذا نفروا، أتوه، فحلقوا عنده رؤوسهم، وأقاموا عنده لا يرون لحجّهم تماما إلّا بذلك، وكانت مناة لهذيل وخزاعة، فبعث رسول الله ﷺ عليّا ﵁ فهدمها عام الفتح.
(١) الحمة: هي كلّ عين فيها ماء حارّ ينبع، يستشفي به المرضى.