ثمّ اتّخذوا اللّات بالطّائف، وهي أحدث من مناة، وكانت صخرة مرتفعة، وكانت سدنتها من ثقيف، وكانوا قد بنوا عليها بناء، وكانت قريش وجميع العرب تعظّمها، وكانت العرب تسمّي: زيد اللّات، وتيم اللات، وكانت في موضع منارة مسجد الطّائف اليسرى اليوم.
فلم يزالوا كذلك حتّى أسلمت ثقيف، فبعث رسول الله ﷺ المغيرة بن شعبة، فهدمها، وحرّقها بالنّار.
ثمّ اتّخذوا العزّى، وهي أحدث من اللّات، اتّخذها ظالم بن أسعد، وكانت بوادي نخلة الشّامية، فوق ذات عرق، وبنوا عليها بيتا، وكانوا يسمعون منه الصّوت.
قال هشام: وحدّثني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس ﵄ قال: كانت العزّى شيطانة تأتي ثلاث سمرات ببطن نخلة، فلمّا افتتح رسول الله ﷺ مكّة، بعث خالد بن الوليد، فقال:«ائت بطن نخلة، فإنّك تجد ثلاث سمرات، فاعتضد الأولى». فأتاها، فعضدها، فلمّا جاء إليه، قال:«هل رأيت شيئا؟». قال: لا. قال:«فاعضد الثّانية»، فأتاها، فعضدها، ثمّ أتى النّبيّ ﷺ فقال:«هل رأيت شيئا؟!». قال: لا. قال:«فاعضد الثّالثة».
فأتاها، فإذا هو بجنيّة نافشة شعرها، واضعة يديها على عاتقها، تصرف بأنيابها، وخلفها دبّية السّلميّ، وكان سادنها.
فقال خالد:
يا عزّى كفرانك لا سبحانك … إنّي رأيت الله قد أهانك
ثمّ ضربها، ففلق رأسها، فإذا هي حممة، ثمّ عضد الشّجرة، وقتل دبّية السّادن، ثمّ أتى النّبيّ ﷺ فأخبره، فقال:«تلك العزّى، ولا عزّى بعدها للعرب»(١).