ألا تلك المودّة لا تدوم … ولا يبقى على الدّهر النّعيم
ولا يبقى على الحدثان عفر (١) … له أمّ بشاهقة رؤوم
ثمّ قالت:
يا جامعا جمع الأحشاء والكبد … يا ليت أمّك لم تولد ولم تلد
ثمّ أكبّت عليه، فشهقت وماتت.
قال الكلبيّ: فقلت لمالك بن حارثة: صف لي ودّا، حتّى كأنّي أنظر إليه.
قال: كان تمثال رجل أعظم ما يكون من الرّجال، قد دير - أي نقش - عليه حلّتان، متّزر بحلّة، مرتد بأخرى، عليه سيف قد تقلّده، وتنكّب قوسا، وبين يديه حربة فيها لواء وفضّة، فيها نبل، يعني: جعبته.
قال: وأجابت عمرو بن لحي، مضر بن نزار، فدفع إلى رجل من هذيل يقال له:
الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر سواعا، وكان بأرض يقال لها: رهاط من بطن نخلة، يعبده من يليه من مضر.
فقال رجل من العرب:
تراهم حول قبلتهم عكوفا … كما عكفت هذيل على سواع
يظلّ حياته صرعى لديه … غنائم من ذخائر كلّ راعي
وأجابته مذحج، فدفع إلى أنعم بن عمرو المرادي يغوث، وكان بأكمة باليمن تعبده مذحج ومن والاها.
وأجابته همدان، فدفع إلى مالك بن مرثد بن جشم يعوق، وكان بقرية يقال لها: جوان، تعبده همدان ومن والاها من اليمن.
(١) عفر: بكسر العين وضمها، وهو ذكر الخنازير. «القاموس المحيط» مادة (عفر).