فبعثه الله نبيّا، وهو يومئذ ابن أربع مئة وثمانين سنة، فدعاهم إلى عبادة الله ﷿ مئة وعشرين سنة، فعصوه وكذّبوه، فأمره الله تعالى أن يصنع الفلك، فعملها، وفرغ منها، وركبها وهو ابن ستّ مئة سنة، وغرق من غرق، ومكث بعد ذلك ثلاث مئة سنة، وخمسين سنة.
فكان بين آدم ونوح: ألفا سنة، ومئة سنة، فأهبط الماء هذه الأصنام من أرض إلى أرض حتّى قذفها إلى أرض جدّة، فلمّا نضب الماء، بقيت على الشّطّ فسفت الرّيح عليها حتّى وارتها.
قال الكلبيّ: وكان عمرو بن لحي كاهنا، وكان يكنّى أبا ثمامة، له رئي من الجنّ، فقال له: عجّل المسير والظّعن من تهامة، بالسّعد والسّلامة، ائت صفا جدّة، تجد فيها أصناما معدّة، فأوردها تهامة، ولا تهب، ثمّ ادع العرب إلى عبادتها تجب.
فأتى نهر جدّة، فاستثارها، ثمّ حملها حتّى ورد بها تهامة، وحضر الحجّ، فدعا العرب إلى عبادتها قاطبة، فأجابه عوف بن عذرة بن زيد اللّات، فدفع إليه ودّا، فحمله، فكان بوادي القرى بدومة الجندل، وسمّى ابنه: عبد ودّ، فهو أوّل من سمّي به، وجعل عوف ابنه عامرا سادنا له، فلم يزل بنوه يدينون به، حتّى جاء الله بالإسلام.
قال الكلبيّ: حدّثني مالك بن حارثة أنّه رأى ودّا.
قال: وكان أبي يبعثني باللّبن إليه، ويقول: اسق إلهك. فأشربه، قال: ثمّ رأيت خالد بن الوليد بعد كسره، فجعله جذاذا، وكان رسول الله ﷺ بعثه من غزوة تبوك لهدمه، فحالت بينه وبين هدمه بنو عبد ودّ، وبنو عامر، فقتلهم، وهدمه وكسّره، وقتل يومئذ رجلا من بني عبد ودّ يقال له: قطن بن سريح، فأقبلت أمّه وهو مقتول وهي تقول: