للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زيادة في الحجّة عليه.

وإنّي لأعرف خلقا يحضرون المجلس منذ سنين، ويبكون، ويخشعون، ولا يتغيّر أحدهم عمّا قد اعتاده، من المعاملة في الرّبا، والغشّ في البيع، والجهل بأركان الصّلاة، والغيبة للمسلمين، والعقوق للوالدين.

وهؤلاء قد لبّس عليهم إبليس، فأراهم أنّ حضور المجلس والبكاء يدفع عنه ما يلابس من الذّنوب، وأرى بعضهم أنّ مجالسة العلماء والصّالحين يدفع عنهم، وشغل آخرين بالتّسويف بالتّوبة، فطال عليهم مطالهم، وأقام قوما منهم للتّفرّج فيما يسمعونه، وأهملوا العمل به.

وقد لبّس إبليس على أصحاب الأموال من أربعة أوجه:

أحدها: من جهة كسبها، فلا يبالون كيف حصلت، وقد فشا الرّبا في أكثر معاملاتهم، وأنسوه، حتّى إنّ جمهور معاملاتهم خارجة عن الإجماع، وقد روى أبو هريرة عن النّبيّ أنّه قال: «ليأتينّ على النّاس زمان، لا يبالي المرء من أين أخذ المال من حلال أو حرام» (١).

والثاني: من جهة البخل بها:

فمنهم: من لا يخرج الزّكاة أصلا؛ اتّكالا على العفو.

ومنهم: من يخرج بعضها، ثمّ يغلبه البخل، فينظر أنّ المخرج يدفع عنه.

ومنهم: من يحتال لإسقاطها، مثل أن يهب المال قبل الحول، ثمّ يستردّه.

ومنهم: من يحتال بإعطاء الفقير ثوبا يقوّمه عليه بعشرة دنانير، وهو يساوي دينارين، ويظنّ ذلك الجاهل أنّه قد تخلّص.


(١) أخرجه البخاري (٢٠٥٩).

<<  <   >  >>