للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأقام في المسجد إلى المغرب، فلمّا دخل الوقت، إذا بأربعين رجلا عليهم المسوح، وفي أرجلهم نعال الخوص، قد دخلوا المسجد، فسلّموا، وأذّن أحدهم، وأقام الصّلاة، وتقدّم، فصلّى بهم، فلمّا فرغ من صلاته، تقدّم إلى شجرة، فإذا فيها أربعون رمّانة غضّة طريّة، فأخذ كلّ واحد منهم رمّانة وانصرف.

قال: وبتّ على فاقتي، فلمّا كان في الوقت الّذي يأخذون فيه الرّمّان، أقبلوا أجمعين، فلمّا صلّوا وأخذوا الرّمّان قلت: يا قوم، أنا أخوكم في الإسلام، وبي فاقة شديدة، فلا كلّمتموني ولا واسيتموني.

فقال رئيسهم: إنّا لا نكلّم محجوبا بما معه، فامض واطرح ما معك وراء هذا الجبل في الوادي، وارجع إلينا؛ حتّى تنال ما ننال.

قال: فرقيت الجبل، فلم تسمح نفسي برمي ما معي، فدفنته ورجعت، فقال لي: رميت ما معك؟ قلت: نعم. قال: فرأيت شيئا؟ قلت: لا. قال: ما رميت شيئا إذن، فارجع فارم به في الوادي.

فرجعت، ففعلت، فإذا قد غشيني مثل الدرع، نور الولاية، فرجعت، فإذا في الشّجرة رمّانة، فأكلتها، واستقللت بها من الجوع والعطش، ولم ألبث دون المضيّ إلى مكّة، فإذا أنا بالأربعين بين زمزم والمقام، فأقبلوا إليّ بأجمعهم يسألونني عن حالي، ويسلّمون عليّ، فقلت: قد غنيت عنكم وعن كلامكم آخرا، كما أغناكم الله عن كلامي أوّلا، فما فيّ لغير الله موضع.

قال المصنّف : عمرو بن واصل ضعّفه ابن أبي حاتم، والآدميّ وأبوه مجهولان، ويدلّ على أنّها حكاية موضوعة قولهم: اطرح ما معك. لأنّ الأولياء لا يخالفون الشّرع، والشرع قد نهى عن إضاعة المال.

<<  <   >  >>