الجامعة، ثمّ سقطت من يده ورقبته إلى الأرض، فوثب الحرس الّذين كانوا معه فأعادوها عليه، ثمّ ساروا به، فلما أشرفوا على عتبة أخرى قرأ آية، فسقطت من رقبته ويده على الأرض، فأعادوها عليه، فلمّا قدموا على عبد الملك حبسه، وأمر رجالا من أهل الفقه والعلم أن يعظوه ويخوّفوه الله، ويعلموه أنّ هذا من الشيطان.
فأبى أن يقبل منهم، فصلب، وجاء رجل بحربة، فطعنه، فانثنت، فتكلّم الناس، وقالوا:
ما ينبغي لمثل هذا أن يقتل. ثمّ أتاه حرسه برمح دقيق، فطعنه بين ضلعين من أضلاعه، ثمّ هزّه وأنفذه، وسمعت من قال: قال عبد الملك للذي ضربه بالحربة لمّا انثنت: أذكرت الله حين طعنته؟ قال: نسيت. قال: فاذكر الله ثمّ اطعنه. فذكر الله ثمّ طعنه، فأنفذها.
وكم اغترّ قوم بما يشبه الكرامات، فقد روّينا بإسناد عن حسن، عن أبي عمران، قال:
قال لي فرقد: يا أبا عمران، قد أصبحت اليوم، وأنا مهتمّ بضريبتي وهي ستّة دراهم، وقد أهلّ الهلال، وليست عندي، فدعوت، فبينما أنا أمشي على شطّ الفرات إذا أنا بستّة دراهم، فأخذتها، فوزنتها، فإذا هي ستّة لا تزيد ولا تنقص. فقال: تصدّق بها؛ فإنّها ليست لك.
قلت: أبو عمران هو ابن إبراهيم النّخعيّ، فقيه أهل الكوفة، فانظروا إلى كلام الفقهاء، وبعد الاغترار عنهم، وكيف أخبره أنّها لقطة، ولم يلتفت إلى ما يشبه الكرامة، وإنّما لم يأمره بتعريفها؛ لأنّ مذهب الكوفيّين أنّه لا يجب التّعريف لما دون الدّينار، وكأنّه إنّما أمره بالتّصدّق بها؛ لئلّا يظنّ أنّه قد أكرم بأخذها وإنفاقها.
وبإسناد عن إبراهيم الخراسانيّ أنّه قال: احتجت يوما إلى الوضوء، فإذا أنا بكوز من جوهر، وسواك من فضّة رأسه ألين من الخزّ، فاستكت بالسّواك، وتوضّأت بالماء، وتركتهما، وانصرفت.
قلت: في هذه الحكاية من لا يوثق بروايته، فإن صحّت دلّت على قلّة علم هذا الرّجل؛