للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخبر النّاس به، ثمّ قال له: ائذن لي. فقال: إلى أين؟ قال: إلى البصرة، فأكون أوّل داع لك بها.

قال: فأذن له، فخرج مسرعا إلى عبد الملك، وهو بالصّنيبرة، فلمّا دنا من سرادقه صاح: النّصيحة النّصيحة. فقال أهل العسكر: وما نصيحتك؟ قال: نصيحة لأمير المؤمنين.

فأمر الخليفة عبد الملك أن يأذنوا له بالدّخول عليه، فدخل، وعنده أصحابه، قال:

فصاح: النّصيحة النّصيحة. قال: وما نصيحتك؟ قال: أخلني، لا يكن عندك أحد، فأخرج من في البيت، وقال: أدنني. قال: ادن. فدنا وعبد الملك على السّرير، قال: ما عندك؟

قال الحارث: فلمّا ذكر الحارث، طرح عبد الملك نفسه من أعلى السّرير إلى الأرض، ثمّ قال: أين هو؟ قال: يا أمير المؤمنين، هو ببيت المقدس، قد عرفت مداخله ومخارجه، وقصّ عليه قصّته، وكيف صنع به، فقال: أنت صاحبه، وأنت أمير بيت المقدس، وأميرنا هاهنا، فمرني بما شئت.

فقال: يا أمير المؤمنين، ابعث معي قوما لا يفهمون الكلام.

فأمر أربعين رجلا من فرغانة، فقال: انطلقوا مع هذا، فما أمركم به من شيء فأطيعوه.

قال: وكتب إلى صاحب بيت المقدس، أنّ فلانا هو الأمير عليك حتّى يخرج، فأطعه فيما أمرك به.

فلمّا قدم بيت المقدس أعطاه الكتاب، فقال: مرني بما شئت. فقال: اجمع لي كلّ شمعة تقدر عليها ببيت المقدس، وادفع كلّ شمعة إلى رجل، ورتّبهم على أزقّة بيت المقدس وزواياه، فإذا قلت: أسرجوا. أسرجوا جميعا.

فرتّبهم في أزقّة بيت المقدس وزواياه بالشّمع، وتقدّم البصريّ إلى منزل الحارث، فأتى بالباب، فقال للحاجب: استأذن لي على نبيّ الله. قال: في هذه السّاعة ما يؤذن عليه

<<  <   >  >>