وبإسناد عن أحمد بن محمّد النّهاونديّ يقول: مات للشّبليّ ابن ولد، كان اسمه عليّا، فجزّت أمّه شعرها عليه، وكان للشّبليّ لحية كبيرة، فأمر بحلقها جميعها، فقيل له: يا أستاذ ما حملك على هذا؟ فقال: جزّت هذه شعرها على مفقود، ألا أحلق أنا لحيتي على موجود؟
وبإسناد عن عبد الله بن علي السراج قال: ربّما كان الشّبليّ يلبس ثيابا مثمّنة، ثمّ ينزعها، ويضعها فوق النّار.
قال: وذكر عنه أنّه أخذ قطعة عنبر، فوضعها على النّار يبخّر بها ذنب الحمار.
وقال بعضهم: دخلت عليه، فرأيت بين يديه اللّوز والسّكّر يحرقه بالنّار.
قال السراج: إنّما أحرقه بالنّار؛ لأنّه كان يشغله عن ذكر الله.
قلت: اعتذار السراج عنه أعجب من فعله.
قال السراج: وحكي عنه أنّه باع عقارا ففرّق ثمنه، وكان له عيال فلم يدفع إليهم شيئا، وسمع قارئا يقرأ: ﴿اِخْسَؤُا فِيها﴾ [المؤمنون: ١٠٨]، فقال: ليتني كنت واحدا منهم. قلت: وهذا الرّجل ظنّ أنّ الّذي يكلّمهم هو الله تعالى، والله لا يكلّمهم، ثمّ لو كلّمهم كلام إهانة، فأيّ شيء هذا حتّى يطلب؟
قال السراج: وقال الشّبليّ يوما في مجلسه: إنّ لله عبادا لو بزقوا على جهنّم لأطفئوها.
قلت: وهذا من جنس ما ذكرناه عن أبي يزيد، وكلاهما من إناء واحد.
وبإسناد عن أبي عليّ الدّقّاق يقول: بلغني أنّ الشّبليّ اكتحل بكذا وكذا من الملح؛ ليعتاد السّهر، ولا يأخذه النّوم.
قال المصنف ﵀: وهذا فعل قبيح، لا يحلّ لمسلم أن يؤذي نفسه، وهو سبب للعمى، ولا تجوز إدامة السّهر؛ لأنّ فيه إسقاط حقّ النّفس، والظّاهر أنّ دوام السّهر والتّقلّل