للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبليّ يقول: قام أبي ليلة، فترك فرد رجل على السّطح، والأخرى على الدّار، فسمعته يقول: لئن أطرفت لأرمينّ بك إلى الدار. فما زال على تلك الحال حتّى أصبح، فلمّا أصبح قال له: يا بنيّ! ما سمعت الليلة ذاكرا لله ﷿ إلّا ديكا يساوي دانقين.

قال المصنف : هذا الرّجل قد جمع بين شيئين لا يجوزان:

أحدهما: مخاطرته بنفسه، فلو غلبه النّوم فوقع، كان معينا على نفسه، ولا شكّ أنّه لو رمى بنفسه، كان قد أتى معصية عظيمة، فتعرّضه للوقوع معصية.

والثاني: أنّه منع عينه حظّها من النّوم، وقد قال : «إنّ لجسدك عليك حقّا، وإنّ لزوجتك عليك حقّا، وإنّ لعينك عليك حقّا» (١). وقال: «إذا نعس أحدكم فليرقد» (٢).

ومرّ بحبل قد مدّته زينب، فإذا فترت أمسكت به، فأمر بحلّه، وقال: «ليصلّ أحدكم نشاطه، فإذا كسل أو فتر فليقعد» (٣).

وقد تقدّمت هذه الأحاديث في كتابنا هذا.

أخبرنا محمّد بن ناصر، نا أبو عبد الله الحميدي، نا أبو بكر الأردستاني، ثنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال: سمعت أبا العبّاس البغداديّ يقول: كنّا نصحب أبا الحسن بن أبي بكر الشّبليّ ونحن أحداث، فأضافنا ليلة فقلنا: بشرط ألا تدخل علينا أباك. فقال: لا يدخل.

فدخلنا داره، فلمّا أكلنا إذا نحن بالشّبليّ وبين كلّ أصبعين من أصابعه شمعة - ثمان شموع - فجاء وقعد وسطنا، فاحتشمنا منه، فقال: يا سادة عدّوني فيما بينكم طست شموع.


(١) أخرجه البخاري (١٩٧٥)، ومسلم (١١٥٩) من حديث عبد الله بن عمرو .
(٢) أخرجه البخاري (٢١٢)، ومسلم (٧٨٦) من حديث عائشة .
(٣) أخرجه البخاري (١١٥٠)، ومسلم (٧٨٤) من حديث أنس بن مالك .

<<  <   >  >>