للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : قلت: لو علم هذا الرّجل أنّ المسألة لا تجوز لمن يقدر على الاكتساب لم يفعل، ولو قدّرنا جوازها، فأين أنفة النّفس من ذلّ الطّلب؟

أخبرنا هبة الله بن محمّد، نا الحسن بن علي التميمي، نا أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثني أبي، ثنا إسماعيل، ثنا معمر، عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال رسول الله : «لا تزال المسألة بأحدكم، حتّى يلقى الله ﷿ وما على وجهه مزعة لحم» (١).

قال أحمد: وحدّثنا حفص بن غياث، عن هشام، عن أبيه، عن الزّبير بن العوّام، قال:

قال رسول الله : «لأن يأخذ الرّجل حبلا فيحتطب، ثمّ يجيء، فيضعه في السّوق، فيبيعه، ثمّ يستغني به، فينفقه على نفسه، خير له من أن يسأل النّاس، أعطوه أو منعوه» (٢).

قلت: انفرد به البخاريّ، واتّفقا على الّذي قبله، وفي حديث عبد الله بن عمرو عن النّبيّ أنّه قال: «لا تحلّ الصّدقة لغنيّ، ولا لذي مرّة سويّ» (٣).

والمرّة: القوّة. وأصلها من شدّة فتل الحبل، يقال: أمررت الحبل: إذا أحكمت فتله.

فمعنى المرّة في الحديث: شدّة أمر الخلق، وصحّة البدن الّتي يكون معها احتمال الكلّ والتّعب.

قال الشافعيّ : لا تحلّ الصّدقة لمن يجد قوّة يقدر بها على الكسب.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمّد القزاز، نا أبو بكر بن ثابت، أنبأنا سعد المالينيّ قال:

سمعت أبا بكر محمّد بن عبد الواحد الهاشميّ، سمعت أبا الحسن يونس بن أبي بكر


(١) أخرجه البخاري (١٤٧٤)، ومسلم (١٠٤٠).
(٢) أخرجه البخاري (١٤١٧).
(٣) أخرجه أبو داود (١٦٣٤)، والترمذي (٦٥٢)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٧٢٥١).

<<  <   >  >>