للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمر بحفظ المال، وألّا يسلّم إلّا إلى رشيد، وجعله قواما للآدميّ، والعقل يشهد بأنّه إنّما خلق للمصالح، فإذا رمى به الإنسان، فقد أفسد ما هو سبب صلاحه، وجهل حكمة الواضع، واعتذار السّراج له أقبح من فعله؛ لأنّه إن كان خاف فتنته، فينبغي أن يرميه إلى فقير ويتخلّص.

ومن جهل هؤلاء حملهم تفسير القرآن على رأيهم الفاسد؛ لأنّه يحتجّ بمسح السّوق والأعناق، ويظنّ بذلك جواز الفساد، والفساد لا يجوز في الشّريعة، وإنّما مسح بيده عليها، وقال: أنت في سبيل الله.

ولقد سبق بيان هذا.

وقال أبو نصر السراج في كتاب «اللّمع»: قال أبو جعفر الدّارج: خرج أستاذي يوما يتطهّر، فأخذت كنفه، ففتّشته، فوجدت فيه شيئا من الفضّة مقدار أربعة دراهم، وكان ليلا، وبات لم يأكل شيئا.

فلمّا رجع قلت له: في كنفك كذا وكذا درهما ونحن جياع. فقال: أخذته؟ ردّه.

قال لي بعد ذلك: خذه واشتر به شيئا.

فقلت له: بحقّ معبودك ما أمر هذه القطع؟

فقال: لم يرزقني الله من الدّنيا شيئا غيرها، فأردت أن أوصي أن تدفن معي، فإذا كان يوم القيامة رددتها إلى الله، وأقول: هذا الّذي أعطيتني من الدّنيا.

أخبرنا ابن حبيب، نا ابن أبي صادق، نا ابن باكويه، ثنا عبد الواحد بن بكر قال: سمعت أبا بكر الجوّال، سمعت أبا عبد الله الحصريّ يقول: مكث أبو جعفر الحدّاد عشرين سنة يعمل كلّ يوم بدينار، وينفقه على الفقراء ويصوم، ويخرج بين العشائين، فيتصدّق من الأبواب ما يفطر عليه.

<<  <   >  >>