فجمعوا، ثمّ دعا بنار فأضرمها، ثمّ قال: عزمت عليكم لتدخلنّها.
قال: فهمّ القوم أن يدخلوها، فقال لهم شابّ: إنّما فررتم إلى رسول الله ﷺ من النّار، فلا تعجلوا حتّى تلقوا النّبيّ ﷺ فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها، فرجعوا إلى النّبيّ ﷺ فأخبروه، فقال لهم رسول الله ﷺ:«لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا، إنّما الطّاعة في المعروف»(١).
أخبرنا عبد الرحمن بن محمّد القزاز، نا أحمد بن علي بن ثابت، نا أبو نعيم الحافظ، أخبرني الحسن بن جعفر بن علي، أخبرني عبد الله بن إبراهيم الجريري، قال: قال أبو الخير الديلميّ: كنت جالسا عند خير النّسّاج، فأتته امرأة، وقالت له: أعطني المنديل الّذي دفعته إليك. قال: نعم. فدفعه إليها، قالت: كم الأجر؟ قال: درهمان. قالت: ما معي السّاعة شيء، وأنا قد تردّدت إليك مرارا فلم أرك، وأنا آتيك به غدا إن شاء الله تعالى.
فقال لها خير: إن أتيتني بهما ولم تجديني، فارم بهما في دجلة؛ فإنّي إذا جئت أخذتهما.
فقالت المرأة: كيف تأخذ من دجلة؟
فقال لها خير: هذا التّفتيش فضول منك، افعلي ما أمرتك به.
قالت: إن شاء الله.
فمرّت المرأة، قال أبو الخير: فجئت من الغد، وكان خير غائبا، وإذا المرأة قد جاءت، ومعها خرقة فيها درهمان، فلم تجده، فرمت بالخرقة في دجلة، وإذا بسرطان قد تعلّقت بالخرقة وغاصت، وبعد ساعة جاء خير، وفتح باب حانوته، وجلس على الشّطّ يتوضّأ، وإذا بسرطان قد خرجت من الماء تسعى نحوه، والخرقة على ظهرها، فلمّا قربت من