خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وأمره بأمره فخالفه، إذا كان أوّل الدّنّ دردى كيف يكون آخره؟
قال: وقال الحصريّ: كنت زمانا إذا قرأت القرآن، لا أستعيذ من الشّيطان، وأقول: من الشيطان حتّى يحضر كلام الحق.
قال المصنف ﵀ قلت: أمّا القول الأوّل بأنّه يتسلّط على الأنبياء، جرأة قبيحة وسوء أدب.
وأمّا الثاني: فمخالف لما أمر الله ﷿ به؛ فإنّه قال: ﴿وَإِمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ﴾ [الأعراف: ٢٠٠].
أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر، نا عباد بن إبراهيم النسفي، ثنا محمّد بن الحسين السلمي قال: وجدت في كتاب أبي بخطّه: سمعت أبا العباس أحمد بن محمّد الدينوري يقول: قد نقضوا أركان التّصوّف وهدموا سبيلها، وغيّروا معانيها بأسامي أحدثوها: سمّوا الطّبع زيادة، وسوء الأدب إخلاصا، والخروج عن الحقّ شطحا، والتّلذّذ بالمذموم طيبة، وسوء الخلق صولة، والبخل جلادة، واتّباع الهوى ابتلاء، والرّجوع إلى الدّنيا وصولا، والسّؤال عملا، وبذأ اللّسان ملامة، وما هذا طريق القوم.
وقال ابن عقيل: عبّرت الصّوفيّة عن الحرام بعبارات غيّروا لها الأسماء مع حصول المعنى، فقالوا في الاجتماع على الطّيبة والغناء والخنكرة: أوقات، وقالوا في المردان:
شبّ، وفي المعشوقة: أخت، وفي المحبّة: مريدة، وفي الرّقص والطّرب: وجدا، وفي مناخ اللهو والبطالة: رباطا. وهذا التّغيير للأسماء لا يباح.
بيان جملة مرويّة على الصّوفيّة من الأفعال المنكرة:
قلت: قد سبق ذكر أفعال كثيرة لهم كلّها منكرة، وإنّما نذكر هاهنا من أمّهات الأفعال وعجائبها.