بشر بن الحسن الداودي - وقد ارتفع إليه صوفيّ وصوفيّة - قال: وأمر الصّوفيّة هناك مفرط جدّا، حتّى يقال: إنّ عددهم ألوف، فاستعدت الصّوفيّة على زوجها إلى القاضي، فلمّا حضرا قالت له: أيّها القاضي، إنّ هذا زوجي، ويريد أن يطلّقني، وليس له ذلك، فإن رأيت أن تمنعه.
قال: فأخذ القاضي أبو سعد يتعجّب - وحنق على مذاهب الصوفية - ثمّ قال لها:
وكيف ليس له ذلك؟ قالت: لأنّه تزوّج بي، ومعناه قائم بي، والآن هو يذكر أنّ معناه قد انقضى منّي، وأنا معناي قائم فيه، ما انقضى، فيجب عليه أن يصبر حتّى ينقضي معناي منه، كما انقضى معناه منّي.
فقال لي أبو سعيد: كيف ترى هذا الفقه؟
ثمّ أصلح بينهما وخرجا من غير طلاق.
وقد ذكر أبو حامد الطوسي في كتاب:«الإحياء» أنّ بعضهم قال: للرّبوبيّة سرّ لو أظهر، بطلت النّبوّة، وللنّبوّة سرّ لو كشف، لبطل العلم، وللعلماء سرّ لو أظهروه، لبطلت الأحكام.
قلت: فانظروا إخواني إلى هذا التّخليط القبيح، والادّعاء على الشّريعة أنّ ظاهرها يخالف باطنها.
قال أبو حامد: ضاع لبعض الصّوفيّة ولد صغير، فقيل له: لو سألت الله أن يردّه عليك.
فقال: اعتراضي عليه فيما يقضي أشدّ عليّ من ذهاب ولدي.
قلت: طال تعجّبي من أبي حامد، كيف يحكي هذه الأشياء في معرض الاستحسان والرّضا عن قائلها، وهو يدري أنّ الدّعاء والسّؤال ليس باعتراض؟
وقال أحمد الغزالي: دخل يهوديّ على أبي سعيد بن أبي الخير الصّوفيّ، فقال له: أريد