للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن أسلّم على يديك. فقال: لا ترد!

فاجتمع النّاس، وقالوا: يا شيخ! تمنعه من الإسلام؟

فقال له: تريد بلا يد. قال: نعم. قال له: برئت من نفسك ومالك؟ قال: نعم. قال: هذا الإسلام عندي، احملوه الآن إلى الشّيخ أبي حامد يعلم لا لا المنافقين. يعني لا إله إلّا الله.

قلت: وهذا الكلام أظهر عيبا من أن يعاب؛ فإنّه في غاية القبح، وممّا يقارب هذه الحكاية في دفع من أراد الإسلام، ما أخبرنا به أبو منصور القزاز، نا أبو بكر بن ثابت، أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب، نا محمّد بن نعيم الضّبّيّ، قال: سمعت أبا علي الحسين بن محمّد بن أحمد الماسرجسي يحكي عن جدّه، وغيره من أهل بيته، قال: كان الحسن والحسين ابنا عيسى بن ماسرجس أخوين يركبان، فيتحيّر النّاس من حسنهما وزيّهما، فاتّفقا على أن يسلما، فقصدا حفص بن عبد الرحمن ليسلما على يده، فقال لهما حفص: أنتما من أجلّ النّصارى، وعبد الله بن المبارك خارج في هذه السّنة إلى الحجّ، وإن أسلمتما على يده، كان ذلك أعظم عند المسلمين؛ فإنّه شيخ أهل المشرق والمغرب.

فانصرفا، فمرض الحسين ومات على نصرانيّته قبل قدوم ابن المبارك، فلمّا قدم أسلم الحسن.

قلت: وهذه المحنة إنّما جلبها الجهل، فليعرف قدر العلم؛ لأنّه لو كان عنده حظّ من علم لقال: أسلما الآن، ولا يجوز تأخير ذلك لحظة، وأعجب من هذا أبو سعيد، الّذي قال لليهوديّ ما قال؛ لأنّه يريد الإسلام.

وذكر أبو نصر السراج في كتاب «اللمع» لمع المتصوفة قال: كان سهل بن عبد الله إذا مرض أحد من أصحابه يقول له: إذا أردت أن تشتكي فقل: أوه، فهو اسم من أسماء الله تعالى، يستريح إليه المؤمن، ولا تقل أفرج؛ فإنّه اسم من أسماء الشيطان.

<<  <   >  >>