للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وجد من القوم ضد هذا، كما يروى عن ذي النّون المصريّ وغيره، أنّه قال: لقيت امرأة في البرّيّة، فقلت لها وقالت لي. وهذا لا يحلّ له، وقد أنكرت عليه امرأة متيقظة.

فأخبرنا عبد الملك بن عبد الله الكروخي، نا محمّد بن علي بن عمير، نا أبو الفضل محمّد بن محمّد العامي، نا أبو سعيد محمّد بن أحمد بن يوسف، ثني بكير، ثني محمّد بن يعقوب الفرجي، قال: سمعت ذا النّون يقول: رأيت امرأة بنحو أرض البجة، فناديتها، فقلت: وما للرّجال أن يكلّموا النّساء؟ لولا نقص عقلك لرميتك بشيء.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمّد، نا أحمد بن علي بن ثابت، ثنا عبد العزيز الأزجي، ثنا علي بن عبد الله الهمداني، ثني علي بن إسماعيل الطّلّاء، ثني محمّد بن الهيثم، قال: قال لي أبو جعفر الحداد: دخلت البادية بعض السّنين على التّوكّل، فبقيت سبعة عشر يوما لا آكل فيها شيئا، وضعفت عن المشي، فبقيت أيّاما أخر لم أذق فيها شيئا، فسقطت على وجهي وغشي عليّ، وغلب عليّ من القمل شيء ما رأيت مثله ولا سمعت به، فبينا أنا كذلك إذ مرّ بي ركب فرأوني على تلك الحالة، فنزل أحدهم عن راحلته، فحلق رأسي ولحيتي، وشقّ ثوبي، وتركني في الرّمضاء، وسار، فمرّ بي ركب آخر، فحملوني إلى حيّهم، وأنا مغلوب، فطرحوني ناحية، فجاءتني امرأة، فجلست على رأسي، وصبّت اللّبن في حلقي، ففتحت عيني قليلا، وقلت لهم: أقرب المواضع منكم أين؟ قال: جبل الشراة. فحملوني إلى جبل الشراة.

قال المصنف قلت: لو يحكى أنّ رجلا من المجانين انحلّ من السلسلة فأخذ سكّينا، وجعل يشرّح لحم نفسه، ويقول: أنا ما رأيت مثل هذا الجنون، لصدّق على هذا، وإلّا فانظروا إلى حال هذا المسكين، وبما فعل بنفسه، ثمّ يعتقد أن هذه قرية، نسأل الله العافية.

أخبرنا أحمد بن ناصر، نا أحمد بن علي بن خلف، نا أبو عبد الرحمن السّلمي، قال:

<<  <   >  >>