قال المصنّف ﵀: قلت: فانظروا إلى جهل هذا المسكين بالشّريعة، والبعد عنها؛ لأنّه إن كان نظر إليها من غير تعمّد فلا إثم عليه، وإن تعمّد، فقد أتى صغيرة، قد كان يكفيه منها النّدم، فضمّ إليها كبيرة وهي قلع عينيه، ولم يتب عنها؛ لأنّه اعتقد قلعها قربة إلى الله سبحانه.
ومن اعتقد المحظور قربة، فقد انتهى خطؤه إلى الغاية، ولعلّه سمع تلك الحكاية عن بعض بني إسرائيل، أنّه نظر إلى امرأة فقلع عينه، وتلك مع بعد صحّتها، ربّما جازت في شريعتهم، فأمّا شريعتنا فقد حرّمت هذا.
وكأنّ هؤلاء القوم ابتكروا شريعة سمّوها بالتّصوّف، وتركوا شريعة نبيّهم محمّد ﷺ، نعوذ بالله من تلبيس إبليس.
وقد روي عن بعض عابدات الصّوفيّة مثل هذا.
أخبرنا أبو بكر بن حبيب العامري، نا أبو سعد بن أبي صادق، نا ابن باكويه، قال:
أخبرني أبو الحسن علي بن أحمد البصري، غلام شعوانة، قال: أخبرتني شعوانة، أنّه كان في جيرانها امرأة صالحة، فخرجت ذات يوم إلى السّوق، فرآها بعض النّاس، فافتتن بها وتبعها إلى باب دارها، فقالت له المرأة: أيّ شيء تريد منّي؟ قال: فتنت بك.
فقالت: ما الّذي استحسنت منّي؟
قال: عيناك.
فدخلت إلى دارها، فقلعت عينيها، وخرجت إلى خلف الباب، ورمت بهما إليه وقالت له: خذهما فلا بارك الله فيك.
قال المصنف ﵀: فانظروا إخواني كيف يتلاعب إبليس بالجهلة؛ فإنّ ذلك الرّجل أتى صغيرة بالنّظر، وأتت هي بكبيرة، ثمّ ظنّت أنّها فعلت طاعة، وكان ينبغي أنّها لا تكلّم رجلا أجنبيّا.