قال: ولكن ينظر فيما يفهم من ذلك، فإن كان فيه شيء محظور، حرم نثره ونظمه، وحرم التّصويت له.
قال المصنف ﵀: قلت: وإنّي لأتعجّب من مثل هذا الكلام؛ فإنّ الوتر بمفرده أو العود وحده من غير وتر، لو ضرب لم يحرم، ولم يطرب، فإذا اجتمعا، وضرب بهما على وجه مخصوص حرم وأزعج، وكذلك ماء العنب جائز شربه، وإذا حدثت فيه شدّة مطربة حرم.
وكذلك هذا المجموع يوجب طربا، يخرج من الاعتدال، فيمنع منه ذلك.
وقال ابن عقيل: الأصوات على ثلاثة أضرب: محرّم ومكروه ومباح.
فالمحرّم: الزّمر والنّاي والسرنا والطّنبور والمعزفة والرّباب وما ماثلها، نصّ الإمام أحمد بن حنبل على تحريم ذلك، ويلحق به الجرافة والجنك؛ لأنّ هذه تطرب، فتخرج عن حدّ الاعتدال، وتفعل في طباع الغالب من الناس ما يفعله المسكر، وسواء استعمل على حزن يهيجه أو سرور؛ لأنّ النّبيّ ﷺ:«نهى عن صوتين أحمقين: صوت عند نغمة، وصوت عند مصيبة»(١).
والمكروه: القضيب، لكنّه ليس بمطرب في نفسه، وإنّما يطرب بما يتبعه، وهو تابع للقول، والقول مكروه، ومن أصحابنا من يحرّم القضيب كما يحرّم آلات اللهو، فيكون فيه وجهان كالقول نفسه.
والمباح: الدّفّ، وقد ذكرنا عن أحمد أنّه قال: أرجو ألا يكون بالدّفّ بأس في العرس ونحوه، وأكره الطّبل.
(١) أخرجه الترمذي (١٠٠٥) من حديث عبد الرحمن بن عوف ﵁ وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٥١٩٤).