والشّهوة، قلنا له: فكيف تسمع الغناء المطرب بغير طبعك، أو تطرب لسماعه لغير ما غرس في نفسك.
أخبرنا ابن ناصر، نا أحمد بن علي بن خلف، ثنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال:
سمعت أبا القاسم الدّمشقيّ، يقول: سئل أبو علي الروذباريّ عمّن سمع الملاهي، ويقول:
هي لي حلال؛ لأنّي قد وصلت إلى درجة لا تؤثّر فيّ اختلاف الأحوال. فقال: نعم. قد وصل لعمري، ولكن إلى سقر.
قال المصنف ﵀: فإن قيل: قد بلغنا عن جماعة أنّهم سمعوا عن المنشد شيئا، فأخذوه على مقصودهم فانتفعوا به. قلنا: لا ينكر أن يسمع الإنسان بيتا من الشّعر أو حكمة، فيأخذها إشارة فتزعجه بمعناها، لا لأنّ الصّوت مطرب، كما سمع بعض المريدين صوت مغنية تقول:
كلّ يوم تتلوّن … غير هذا بك أجمل
فصاح ومات، فهذا لم يقصد سماع المرأة، ولم يلتفت إلى التّلحين، وإنّما قتله المعنى، ثمّ ليس سماع كلمة أو بيت لم يقصد سماعه، كالاستعداد لسماع الأبيات المذكورة الكثيرة المطربة، مع انضمام الضّرب بالقضيب والتّصفيق، إلى غير ذلك.
إن ذلك السّامع لم يقصد السّماع، ولو سألنا: هل يجوز لي أن أقصد سماع ذلك؟ منعناه.
قال المصنف ﵀: وقد احتجّ لهم أبو حامد الطوسيّ بأشياء، نزل فيها عن رتبته عن الفهم، مجموعها أنّه قال: ما يدلّ على تحريم السّماع نصّ ولا قياس. وجواب هذا ما قد أسلفناه، وقال: لا وجه لتحريم سماع صوت طيّب، فإذا كان موزونا فلا يحرم أيضا، وإذا لم يحرم الآحاد فلا يحرم المجموع؛ فإنّ أفراد المباحات إذا اجتمعت، كان المجموع مباحا.