للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مال، فبنيت لهم صفّة في مسجد رسول الله ، وقيل: أهل الصّفّة.

والحديث بإسناد عن الحسن، قال: بنيت صفّة لضعفاء المسلمين، فجعل المسلمون يوصلون إليها ما استطاعوا من خير، وكان رسول الله يأتيهم فيقول: «السّلام عليكم يا أهل الصّفّة». فيقولون: وعليك السّلام يا رسول الله. فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير يا رسول الله (١).

وبإسناد عن نعيم بن المجمر، عن أبيه، عن أبي ذرّ قال: كنت من أهل الصّفّة، وكنّا إذا أمسينا حضرنا باب رسول الله فيأمر كلّ رجل فينصرف برجل، فيبقى من بقي من أهل الصّفّة عشرة أو أقلّ، فيؤثرنا النّبيّ بعشائه، فنتعشّى، فإذا فرغنا، قال رسول الله :

«ناموا في المسجد» (٢).

قال المصنّف: وهؤلاء القوم إنّما قعدوا في المسجد ضرورة، وإنّما أكلوا من الصّدقة ضرورة، فلمّا فتح الله على المسلمين، استغنوا عن تلك الحال وخرجوا.

ونسبة الصّوفيّ إلى أهل الصّفّة غلط؛ لأنّه لو كان كذلك لقيل: صفّي، وقد ذهب قوم إلى أنّه من الصّوفانة، وهي بقلة رعناء قصيرة، فنسبوا إليها؛ لاجتزائهم بنبات الصّحراء، وهذا أيضا غلط؛ لأنّه لو نسبوا إليها لقيل: صوفاني.

وقال آخرون: هو منسوب إلى صوفة القفا، وهي الشّعرات النّابتة في مؤخّره، كأنّ الصّوفيّ عطف به إلى الحقّ، وصرفه عن الخلق.

وقال آخرون: بل هو منسوب إلى الصّوف، وهذا يحتمل، والصّحيح الأوّل.

وهذا الاسم ظهر للقوم قبل سنة مئتين، ولمّا أظهره أوائلهم، تكلّموا فيه، وعبّروا عن


(١) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (١/ ٣٤٠) مرسلا.
(٢) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (١/ ٣٥٢).

<<  <   >  >>