للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

: «إذا ذبح أحدكم، فليحدّ شفرته، وليرح ذبيحته» (١).

الشّبهة السّادسة: قالوا: ربّما يكون أهل الشّرائع قد ظفروا بخواصّ من حجارة وخشب.

والجواب: أنّ هذا كلام ينبغي أن يستحيى من إيراده؛ فإنّه لم يبق شيء من العقاقير والأحجار، إلّا وقد وضحت خواصّها، وبان سرّها، فلو ظفر واحد منهم بشيء، وأظهر خاصّيّته، لوقع الإنكار من العلماء بتلك الخواصّ، وقالوا: هذا ليس منك، إنّما هذه خاصّيّة في هذا.

ثمّ إنّ المعجزات ليست نوعا واحدا، بل هي بين صخرة خرجت منها ناقة، وعصا انقلبت حيّة، وحجر تفجّر عيونا، وهذا القرآن الّذي له منذ نزل دون السّتّ مائة سنة، فالأسماع تدركه، والأفكار تتدبّره، والتّحدّي به على الدّوام، ولم يقدر أحد على مداناة سورة منه، فأين هذا والخاصّة والسّحر والشّعبذة؟

قال أبو الوفاء عليّ بن عقيل : صدأت قلوب أهل الإلحاد لانتشار كلمة الحقّ، وثبوت الشّرائع بين الخلق، والامتثال لأوامرها كابن الرّونديّ، ومن شاكله، كأبي العلاء، ثمّ مع ذلك لا يرون لمقالتهم نباهة ولا أثرا، بل الجوامع تتدفّق زحاما، والأذانات تملأ أسماعهم بالتّعظيم لشأن النّبيّ ، والإقرار بما جاء به، وإنفاق الأموال والأنفس في الحجّ مع ركوب الأخطار، ومعاناة الأسفار، ومفارقة الأهل والأولاد، فجعل بعضهم يندسّ في أهل النّقل، فيضع المفاسد على الأسانيد، ويضع السّير والأخبار، وبعضهم يروي ما يقارب المعجزات من ذكر خواصّ في أحجار وخوارق العادات في بعض البلاد، وأخبار عن الغيوب عن كثير من الكهنة والمنجّمين، ويبالغ في تقرير ذلك حتّى قالوا: إنّ سطيحا قال


(١) أخرجه مسلم (١٩٥٥) من حديث شداد بن أوس .

<<  <   >  >>