وقال رجل لبشر الحافي: أعددت ألفي درهم للحجّ. فقال: أحججت؟ قال: نعم. قال:
اقض دين مدين. قال: ما تميل نفسي إلّا إلى الحجّ. قال: مرادك تركب وتجيء ويقال:
فلان حاجّ.
ومنهم من ينفق على الأوقات والرّقص، ويرمي الثّياب على المغنّي، ويلبّس عليه إبليس بأنّك تجمع الفقراء وتطعمهم، وقد بيّنّا أنّ ذلك ممّا يوجب فساد القلوب، ومنهم من إذا جهّز ابنته صاغ لها دست الفضّة، ويرى الأمر في ذلك قربة، وربّما كانت له ختمة، فتقدّم مجامر الفضّة، ويحضر هناك قوم من العلماء، فلا هو يستعظم ما فعل، ولا هم ينكرون؛ اتّباعا للعادة.
ومنهم من يجور في وصيّته ويحرم الوارث، ويرى أنّه ماله يتصرّف فيه كيف شاء، وينسى أنّه بالمرض قد تعلّقت حقوق الوارثين به.
وبإسناد عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ: «من حاف عند الوصيّة، قذف في الوباء، والوباء واد في جهنّم» (١).
وعن الأعمش، عن خيثمة، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنّ الشّيطان يقول: ما غلبني عليه ابن آدم، فلن يغلبني على ثلاث: آمره بأخذ المال من غير حقّه، وآمره بإنفاقه في غير حقّه، ومنعه من حقّه» (٢).
وقد لبّس إبليس على الفقراء؛ فمنهم من يظهر الفقر، وهو غنيّ، فإن أضاف إلى هذا السؤال والأخذ من النّاس، فإنّما يستكثر من نار جهنّم.
أخبرنا ابن الحصين بإسناده، عن محمّد بن فضيل، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي
(١) أورده الديلمي في «مسند الفردوس» (٣/ ٤٨٩).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٧/ ١٦٦)، وأبو نعيم في «الحلية» (٤/ ١١٧).