للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التّزويج ويصطفي السّبايا، ويأكل لحم الدّجاج، ويحبّ الحلوى والعسل، لم يعظم في صدورهم.

ومن تلبيسه عليهم قدحهم في العلماء، بتناول المباحات، وذلك من أقبح الجهل، وأكثر ميلهم إلى الغرباء؛ فهم يؤثرون الغريب على أهل بلدهم ممّن قد خبروا أمره، وعرفوا عقيدته، فيميلون إلى الغريب، ولعلّه من الباطنيّة.

وإنّما ينبغي تسليم النّفوس إلى من خبرت معرفته، قال الله ﷿: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ﴾ [النساء: ٦]، ومنّ الله سبحانه في إرسال محمّد إلى الخلق بأنّهم يعرفون حاله، فقال ﷿: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٦٤]، وقال: ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ﴾ [الأنعام: ٢٠].

وقد يخرج بالعوامّ تعظيم المتزهّدين إلى قبول دعاويهم، وإن خرقوا الشّريعة، وخرجوا عن حدودها، فترى المتنمّس يقول للعامّيّ: أنت فعلت بالأمس كذا، وسيجري عليك كذا. فيصدّقه، ويقول: هذا يتكلّم على الخاطر. ولا يعلم أنّ ادّعاء الغيب كفر.

ثمّ يرون من هؤلاء المتنمّسين أمورا لا تحلّ، كمؤاخاة النّساء، والخلوة بهنّ، ولا ينكرون ذلك؛ تسليما لهم أحوالهم.

ومن تلبيسه على العوامّ إطلاقهم أنفسهم في المعاصي، فإذا وبّخوا تكلّموا كلام زنادقة.

فمنهم من يقول: لا أترك نقدا لنسيئة. ولو فهموا لعلموا أنّ هذا ليس بنقد؛ لأنّه محرّم، وإنّما يخيّر بين النّقد والنّسيئة المباحين، فمثلهم كمثل محموم جاهل يأكل العسل، فإذا عوتب قال: الشّهوة نقد والعافية نسيئة.

ثمّ لو علموا حقيقة الإيمان، لعلموا أنّ تلك النّسيئة وعد صادق لا يخلف، ولو عملوا

<<  <   >  >>