وقال: ونصيحتي إلى إخواني، ألّا يقرع أفكار قلوبهم كلام المتكلّمين، ولا تصغى مسامعهم إلى خرافات المتصوّفين، بل الشّغل بالمعاش أولى من بطالة الصّوفيّة، والوقوف على الظّواهر أحسن من توغّل المنتحلة، وقد خبّرت طريقة الفريقين؛ فغاية هؤلاء الشّكّ، وغاية هؤلاء الشّطح.
قال ابن عقيل: والمتكلّمون عندي خير من الصّوفيّة؛ لأنّ المتكلّمين قد يزيلون الشّكّ، والصّوفيّة يوهمون التّشبيه؛ فأكثر كلامهم يشير إلى إسقاط السّفارة والنّبوّات.
فإذا قالوا عن أصحاب الحديث قالوا: أخذوا علمهم ميّتا عن ميّت، فقد طعنوا في النّبوّات، وعوّلوا على الواقع، ومتى أزري على طريق، سقط الأخذ به.
ومن قال: حدّثني قلبي عن ربّي، فقد صرّح أنّه غنيّ عن الرّسول، ومن صرّح بذلك فقد كفر، فهذه كلمة مدسوسة في الشّريعة، تحتها هذه الزّندقة، ومن رأيناه يزري على النّقل، علمنا أنّه قد عطّل أمر الشّرع، وما يؤمن هذا القائل: حدّثني قلبي عن ربّي، أن يكون ذلك من إلقاء الشّياطين، فقد قال الله ﷿: ﴿وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ﴾ [الأنعام: ١٢١]، وهذا هو الظّاهر؛ لأنّه ترك الدّليل المعصوم، وعوّل على ما يلقى في قلبه الّذي لم تثبت حراسته من الوساوس، وهؤلاء يسمّون ما يقرّبهم خاطرا.
قال: والخوارج على الشّريعة كثير، إلّا أنّ الله ﷿ يؤيّديها بالنّقلة الحفّاظ الذّابّين عن الشّريعة؛ حفظا لأصلها، وبالفقهاء لمعانيها: وهم سلاطين العلماء، لا يتركون لكذّاب رأسا ترتفع.
قال ابن عقيل: والناس يقولون: إذا أحبّ الله خراب بيت تاجر عاشر الصّوفيّة.
قال: وأنا أقول: وخراب دينه؛ لأنّ الصّوفيّة قد أجازوا لبس النّساء الخرقة من الرّجال الأجانب، فإذا حضروا السّماع والطّرب، فربّما جرى في خلال ذلك مغازلات، واستخلاء