ويستحلّون - بل يوجبون - اقتسام ثياب من طرب فسقط ثوبه، ويسمّون الطّرب وجدا، والدّعوة وقتا، واقتسام ثياب النّاس حكما، ولا يخرجون عن بيت دعوا إليه إلّا عن إلزام دعوة أخرى، يقولون: إنّها وجبت، واعتقاد ذلك كفر، وفعله فسوق.
ويعتقدون أنّ الغناء بالقضبان قربة، وقد سمعنا عنهم أنّ الدّعاء عند حدوّ الحادي، وعند حضور المخدّة مجاب؛ اعتقادا منهم أنّه قربة، وهذا كفر أيضا؛ لأنّ من اعتقد المكروه والحرام قربة، كان بهذا الاعتقاد كافرا، والناس بين تحريمه وكراهيته.
ويسلّمون أنفسهم إلى شيوخهم، فإن عوّلوا إلى مرتبة شيخه قيل: الشيخ لا يعترض عليه، فحد من حلّ رسن ذلك الشّيخ وانحطاطه في سلك الأقوال المتضمّنة للكفر والضّلال المسمّى شطحا، وفي الأفعال المعلومة كونها في الشريعة فسقا.
فإن قبّل أمردا قيل: رحمة، وإن خلا بأجنبيّة قيل: بنته، وقد لبست الخرقة، وإن قسّم ثوبا على غير أربابه من غير رضا مالكه قيل: حكم الخرقة.
وليس لنا شيخ نسلّم إليه حاله؛ إذ ليس لنا شيخ غير داخل في التّكليف، وأنّ المجانين والصّبيان يضرب على أيديهم، وكذلك البهائم، والضّرب بدل من الخطاب، ولو كان لنا شيخ يسلم إليه حاله، لكان ذلك الشّيخ أبا بكر الصّدّيق ﵁، وقد قال: إن اعوججت فقوّموني. ولم يقل: فسلّموا إليّ.
ثمّ انظر إلى رسول الله - صلوات الله عليه - كيف اعترضوا عليه؛ فهذا عمر يقول: ما بالنا نقصر، وقد أمنّا؟
وآخر يقول: تنهانا عن الوصال وتواصل؟
وآخر يقول: أمرتنا بالفسخ، ولم تفسخ! ثمّ إنّ الله تعالى تقول له الملائكة: ﴿أَتَجْعَلُ﴾