للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغافلين، والفقراء المداهنين، والمتصوّفة الجاهلين.

وقد ذكرنا في أوّل ردّنا على الصّوفيّة من هذا الكتاب: أنّ الفقهاء بمصر أنكروا على ذي النّون ما كان يتكلّم به، وببسطام على أبي يزيد، وأخرجوه، وأخرجوا أبا سليمان الدّارانيّ.

وهرب من أيديهم أحمد بن أبي الحواري، وسهل التستريّ؛ وذلك لأنّ السّلف كانوا ينفرون من أدنى بدعة، ويهجرون عليها؛ تمسّكا بالسّنّة، ولقد حدّثني أبو الفتح بن السمريّ، قال: جلس الفقهاء في بعض الأربطة للعزاء بفقيه مات، فأقبل الشّيخ أبو الخطاب الكلوذانيّ الفقيه متوكّئا على يدي، حتّى وقف بباب الرّباط، وقال: يعزّ عليّ لو رآني بعض أصحابنا ومشايخنا القدماء، وأنا أدخل هذا الرّباط. قلت: على هذا كان أشياخنا.

فأمّا في زماننا فقد اصطلح الذّئب والغنم.

قال ابن عقيل: نقلته من خطّه وأنا أذمّ الصّوفيّة لوجوه يوجب الشّرع ذمّ فعلها.

منها أنّهم اتّخذوا مناخ البطالة، وهي الأربطة، فانقطعوا إليها عن الجماعات في المساجد، فلا هي مساجد ولا بيوت، ولا خانات، وصمدوا فيها للبطالة عن أعمال المعاش، وبدنوا أنفسهم بدن البهائم للأكل والشّرب والرّقص والغناء، وعوّلوا على التّرقيع المعتمد به التّحسين تلميعا، والمشاوذ بألوان مخصوصة أوقع في نفوس العوامّ، والنّسوة من تلميع السّقلاطون بألوان الحرير.

واستمالوا النّسوة والمردان بتصنّع الصّور واللّباس، فما دخلوا بيتا فيه نسوة فخرجوا إلّا عن فساد قلوب النّسوة على أزواجهنّ، ثمّ يقبلون الطّعام، والنفقات من الظّلمة، والفجّار، وغاصبي الأموال، كالعداد والأجناد وأرباب المكوس، ويستصحبون المردان في السّماعات، يجلبونهم في الجموع مع ضوء الشّموع، ويخالطون النّسوة الأجانب، ينصبون

<<  <   >  >>