للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أخبرنا ابن ناصر بإسناد عن أبي عبد الرحمن السلميّ قال: قيل لأبي نصر النصر آباذي: إنّ بعض النّاس يجالس النّسوان، ويقول: أنا معصوم في رؤيتهنّ.

فقال: ما دامت الأشباح قائمة، فإنّ الأمر والنّهي باق، والتّحليل والتّحريم مخاطب به، ولن يجترئ على الشّبهات إلّا من يتعرّض للمحرّمات.

وقد قال أبو علي الروذباري، وسئل عمّن يقول: وصلت إلى درجة لا تؤثّر فيّ اختلاف الأحوال، فقال: قد وصل، ولكن إلى سقر.

وبإسناد عن الجريري، يقول: سمعت أبا القاسم الجنيد يقول لرجل ذكر المعرفة، فقال الرجل: أهل المعرفة بالله يصلون إلى ترك الحركات من باب البرّ والتّقرّب إلى الله ﷿.

فقال الجنيد: إنّ هذا قول قوم تكلّموا بإسقاط الأعمال، وهذه عندي عظيمة، والّذي يسرق ويزني أحسن حالا من الّذي يقول هذا، وإنّ العارفين بالله أخذوا الأعمال عن الله، وإليه رجعوا فيها، ولو بقيت ألف عام، لم أنقص من أعمال البرّ ذرّة، إلّا أن يحال بي دونها؛ لأنّه أوكد في معرفتي به، وأقوى في حالي.

وبإسناد عن أبي محمّد المرتعش يقول: سمعت أبا الحسين النّوريّ يقول: من رأيته يدّعي مع الله ﷿ حالة تخرجه عن حدّ علم شرعيّ، فلا تقربنّه، ومن رأيته يدّعي حالة باطنة لا يدلّ عليها ويشهد لها حفظ ظاهر، فاتّهمه على دينه.

الشبهة السادسة: أنّ أقواما بالغوا في الرّياضة، فرأوا ما يشبه نوع كرامات أو منامات صالحة، أو فتح عليهم كلمات لطيفة أثمرها الفكر والخلوة، فاعتقدوا أنّهم قد وصلوا إلى المقصود، وقد وصلنا فما يضرّنا شيء، ومن وصل إلى الكعبة انقطع عن السّير، فتركوا الأعمال، إلّا أنّهم يزيّنون ظواهرهم بالمرقّعة والسّجّادة والرّقص والوجد، ويتكلّمون بعبارات الصّوفيّة في المعرفة والوجد والشّوق.

<<  <   >  >>