ومن ادّعى تغيّر طبعه كذب، ومن قال: إنّي لا أنظر إلى المستحسنات بشهوة، لم يصدّق، كيف وهؤلاء لو فاتتهم لقمة أو شتمهم شاتم، تغيّروا؟
فأين تأثير العقل والهوى يقودهم؟! وقد رأينا أقواما منهم يصافحون النّساء، وقد كان رسول الله ﷺ وهو المعصوم لا يصافح المرأة (١).
وبلغنا عن جماعة منهم أنّهم يؤاخون النّساء، ويخلون بهنّ، ثمّ يدّعون السّلامة، وقد رأوا أنّهم يسلمون عن الفاحشة، وهيهات، فأين السّلامة من إثم الخلوة المحرّمة، والنظر الممنوع منه؟ وأين الخلاص من جولان الفكر الرّديء؟
وقد قال عمر بن الخطّاب ﵁: لو خلا عظمان نخران، لهمّ أحدهم بالآخر. يشير إلى الشّيخ والعجوز.
وبإسناد عن ابن شاهين قال: ومن الصّوفيّة قوم أباحوا الفروج، بادّعاء الأخوّة، فيقول أحدهم للمرأة: تؤاخيني على ترك الاعتراض فيما بيننا.
قلت: وقد روى لنا أبو عبد الله محمّد بن علي الترمذي الحكيم في كتاب «رياضة النّفوس» قال: روي لنا أنّ سهل بن علي المروزيّ كان يقول لامرأة أخيه وهي معه في الدّار: استتري منّي زمانا. ثمّ قال لها: كوني كيف شئت.
قال الترمذي: وكان ذلك منه حين وجد شهوته قلّت.
أمّا موت الشّهوة، هذا لا يتصوّر مع حياة الآدميّ، وإنّما يضعف، والإنسان قد يضعف عن الجماع، ولكنّه يشتهي اللّمس والنّظر.
ثمّ يقدّر أنّ جميع ذلك ارتفع عنه، أليس نهى الشّرع عن النّظر؟ والنّظر باق، وهو عامّ.
(١) أخرجه أحمد (٦٩٥٩) من حديث ابن عمرو ﵄، وحسنه الألباني في «صحيح الجامع» (٤٨٥٦).