أخبرنا محمّد بن عبد الباقي، ثنا أبو علي الحسن بن محمّد بن الفضل، نا سهل بن علي الخشاب، نا عبد الله بن علي السراج، قال: بلغني أن أبا الحسن النوري شهدوا عليه، أنّه سمع أذان المؤذّن، فقال: طعنه سمّ الموت، وسمع نباح كلب، فقال: لبّيك وسعديك. فقيل له في ذلك، فقال: إنّ الرّجل المؤذّن أغار عليه أن يذكر الله وهو غافل، ويأخذ عليه الأجرة، ولولاها ما أذّن، فلذلك قلت: طعنه سمّ الموت، والكلب يذكر الله ﷿ بلا رياء؛ فإنّه قد قال: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: ٤٤].
قال المصنف ﵀: انظروا إخواني - عصمنا الله وإيّاكم من الزّلل - إلى هذا الفقه الدّقيق، والاستنباط الطّريف.
أخبرنا أبو بكر بن حبيب، نا أبو سعد بن أبي صادق، نا ابن باكويه، ثنا أبو يعقوب الخراط، نا النوري، أنّه رأى رجلا قابضا على لحية نفسه، قال: فقلت له: نحّ يدك عن لحية الله.
فرفع ذلك إلى الخليفة، فطلبت، وأخذت، فلمّا دخلت عليه قال: بلغني أنّه نبح كلب، فقلت: لبّيك. ونادى المؤذّن فقلت: طعنه؟ قال: نعم. قال الله ﷿: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: ٤٤] فقلت لبّيك؛ لأنّه ذكر الله، فأمّا المؤذّن، فإنّه يذكر الله وهو متلوّث بالمعاصي، غافل عن الله تعالى.
قال: وقولك للرّجل: نحّ يدك عن لحية الله؟
قلت: نعم. أليس العبد لله، ولحيته لله، وكلّ ما في الدّنيا والآخرة له؟
قلت: عدم العلم أوقع هؤلاء في هذا التّخبيط، وما الّذي أحوجه إلى أن يوهم أنّ صفة الملك صفة الذّات.