صومعتك، ثمّ جلست قريبا من باب بيتها، فحدّثتها، كان آنس لها، فلم يزل به حتّى فعل.
قال: فلبثا زمانا، ثمّ جاءه إبليس فرغّبه في الخير، وفيما له عند الله ﷾ من حسن الثّواب فيما يصنع بها، وقال له: لو دنوت منها، وجلست عند باب بيتها فحدّثتها، ولم تخرج من بيتها. ففعل، فكان ينزل من صومعته فيقف على باب بيتها، فيحدّثها، فلبثا على ذلك حينا.
ثمّ جاءه إبليس، فقال: لو دخلت البيت معها، فحدّثتها ولم تتركها تبرز وجهها لأحد، كان أحسن بك، فلم يزل به حتّى دخل البيت، فجعل يحدّثها نهارها كلّه، فإذا مضى النّهار صعد إلى صومعته.
قال: ثمّ أتاه إبليس بعد ذلك، فلم يزل يزيّنها له حتّى ضرب العابد على فخذها، وقبّلها، فلم يزل به إبليس يحسّنها في عينيه ويسوّل له، حتّى وقع عليها فأحبلها، فولدت له غلاما.
فجاء إبليس، فقال: أرأيت إن جاء إخوة الجارية، وقد ولدت منك، كيف تصنع؟ لا آمن أن تفتضح، أو يفضحوك، فاعمد إلى ابنها فاذبحه وادفنه؛ فإنّها ستكتم ذلك عليك مخافة إخوتها، أن يطّلعوا على ما صنعت بها. ففعل.
فقال: أتراها تكتم إخوتها ما صنعت بها، وقتلت ابنها. قال: خذها، واذبحها، وادفنها مع ابنها. فلم يزل به حتّى ذبحها، وألقاها في الحفرة مع ابنها، وأطبق عليهما صخرة عظيمة، وسوّى عليهما، وصعد إلى صومعته يتعبّد فيها، فمكث بذلك ما شاء الله أن يمكث، حتّى أقبل إخوتها من الغزو، فجاؤوا؛ فسألوه عنها، فنعاها لهم، وترحّم عليها، وبكاها.
قال: كانت خير امرأة، وهذا قبرها، فانظروا إليه. فأتى إخوتها القبر، فبكوا أختهم، وترحّموا عليها، فأقاموا على قبرها أيّاما، ثمّ انصرفوا إلى أهاليهم، فلمّا جنّ عليهم اللّيل،