للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقسمي به، أني لا أمدّ يدي إلى شيء ممّا تنبت الأرض، فممددت يدي، فأخذت بعض الثّمرة، فبينا أنا أمضغها، ذكرت العقد، فرميت بها من فيّ، وجلست ويدي على رأسي، فدار بي فرسان وقالوا لي: قم. فأخرجوني إلى السّاحل، فإذا أمير وحوله خيل ورجاله، وبين يديه جماعة سودان، كانوا يقطعون الطّريق، وقد أخذهم، وافترقت الخيل في طلب من هرب منهم، فوجدوني أسود، معي سيف، وترس، وحربة، فلمّا قدمت إلى الأمير قال:

إيش أنت؟

قلت: عبد بن عبيد الله.

فقال للسّودان: تعرفونه؟

قالوا: لا.

قال: بل هو رئيسكم، وإنّما تفدونه بأنفسكم، لأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم. فقدّموهم.

ولم يزل يقدّم رجلا رجلا، ويقطع يده ورجله، حتّى انتهى إليّ، فقال: تقدّم، مدّ يدك.

فمددتها، فقطعت، ثمّ قال: مدّ رجلك. فمددتها، ورفعت رأسي إلى السّماء، وقلت: إلهي وسيّدي، يدي جنت، ورجلي إيش عملت؟

فإذا بفارس قد وقف على الحلقة، ورمى بنفسه إلى الأرض، وصاح: إيش تعملون؟ تريدون أن تنطبق الخضراء على الغبراء؟ هذا رجل صالح يعرف بأبي الخير.

فرمى الأمير نفسه، وأخذ يدي المقطوعة من الأرض، وقبّلها، وتعلّق بي يقبّل صدري ويبكي ويقول: سألتك بالله أن تجعلني في حلّ. فقلت: قد جعلتك في حلّ من أوّل ما قطعتها، هذه يد قد جنت فقطعت.

قال المصنف : فانظروا - رحمكم الله - إلى عدم العلم كيف صنع بهذا الرجل، وقد كان من أهل الخير، ولو كان عنده علم، لعلم أنّ ما فعله حرام عليه، وليس لإبليس

<<  <   >  >>