للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنّف : هذه الحكاية عندي بعيدة عن الصّحّة من وجهين:

أحدهما: بقاء الآدميّ شهرا لا يحدث بنوم، ولا بول، ولا غائط، ولا ريح.

والثّاني: ترك المسلم صلاة الجمعة والجماعة، وهي واجبة، لا يحلّ تركها.

فإن صحّت هذه الحكاية، فما أبقى إبليس لهذا في التّلبيس بقيّة.

قال: أنبأنا زاهر بن طاهر، نا أحمد بن الحسين البيهقيّ، ثنا الحاكم أبو عبد الله النّيسابوريّ، وسمعت أبا الحسن البوشنجيّ الصّوفيّ غير مرّة يعاتب في ترك الجمعة والجماعة، والتّخلّف عنها، فيقول: إن كانت البركة في الجماعة، فإنّ السّلامة في العزلة! وقد جاء النّهي عن الانفراد الموجب للبعد عن العلم والجهاد للعدوّ.

أخبرنا ابن الحصين، نا أبو علي بن المذهب، نا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدّثني أبي، ثنا أبو المغيرة، ثنا معان بن رفاعة، ثني عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: خرجنا مع رسول الله في سريّة من سراياه، قال: فمرّ رجل بغار فيه شيء من ماء، قال: فحدّث نفسه بأن يقيم في ذلك الغار، فيقوّته ما كان فيه، وفيه شيء من ماء، ويصيب ما حوله من البقل، ويتخلّى عن الدّنيا، ثمّ قال: لو أنّي أتيت نبيّ الله ، فذكرت ذلك له، فإن أذن لي فعلت، وإلّا لم أفعل، فأتاه فقال: يا نبيّ الله، إنّي مررت بغار فيه ما يقوّتني من الماء والبقل، فحدّثتني نفسي بأن أقيم فيه، وأتخلّى من الدّنيا، قال: فقال نبيّ الله : «إنّي لم أبعث باليهوديّة، ولا بالنّصرانيّة، ولكنّي بعثت بالحنيفيّة السّمحة، والّذي نفس محمّد بيده، لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدّنيا وما فيها، ولمقام أحدكم في الصّفّ خير من صلاته ستّين سنة» (١).


(١) أخرجه أحمد (٢١٧٨٨) من حديث أبي أمامة ، وانظر «المشكاة» (٣٧٧٢)، و «الصحيحة» (٢٩٢٤).

<<  <   >  >>