للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنّف: وقد تعصّب للحلّاج جماعة من الصّوفيّة؛ جهلا منهم، وقلّة مبالاة بإجماع الفقهاء.

وبإسناد عن محمّد بن الحسين النّيسابوريّ قال: سمعت إبراهيم بن محمّد النصر آباذي كان يقول: إن كان بعد النّبيّين والصّدّيقين موحّد، فهو الحلّاج.

وعلى هذا أكثر قصّاص زماننا، وصوفيّة وقتنا، جهلا من الكلّ بالشّرع، وبعدا عن معرفة النّقل، وقد جمعت في أخبار الحلّاج كتابا بيّنت فيه حيله ومخاريقه، وما قال العلماء فيه، والله المعين على قمع الجهّال.

وبإسناد عن أبي نعيم الحافظ قال: سمعت عمر البنّا البغداديّ بمكّة يحكي أنّه لمّا كانت محنة غلام الخليل، ونسبة الصّوفيّة إلى الزّندقة، أمر الخليفة بالقبض عليهم، فأخذ النّوريّ في جماعة، فأدخلوا على الخليفة، فأمر بضرب أعناقهم، فتقدّم النّوريّ مبتدرا إلى السّيّاف ليضرب عنقه، فقال له السّيّاف: ما دعاك إلى البدار؟ قال: آثرت حياة أصحابي على حياتي هذه اللّحظة، فتوقّف السّيّاف، فرفع الأمر إلى الخليفة، فردّ أمرهم إلى قاضي القضاة إسماعيل بن إسحاق، فأمر بتخليتهم.

وبإسناد إلى أبي العبّاس أحمد بن عطاء قال: كان يسعى بالصّوفيّة ببغداد غلام الخليل إلى الخليفة، فقال: هاهنا قوم زنادقة، فأخذ أبو الحسين النّوري، وأبو حمزة الصّوفيّ، وأبو بكر الزّقّاق، وجماعة من أقران هؤلاء، واستتر الجنيد بن محمّد بالفقه على مذهب أبي ثور، فأدخلوا إلى الخليفة، فأمر بضرب أعناقهم، فأوّل من بدر أبو الحسين النّوريّ، فقال له السّيّاف: لم بادرت أنت من بين أصحابك ولم ترع؟ قال: أحببت أن أوثر أصحابي بالحياة مقدار هذه السّاعة، فردّ الخليفة أمرهم إلى القاضي، فأطلقوا.

قال المصنف: ومن أسباب هذه القصّة، قول النّوريّ: أنا أعشق الله، والله يعشقني،

<<  <   >  >>