قال السراج: وبلغني أنّ جماعة من الحلوليّين زعموا أنّ الحقّ ﷿ اصطفى أجساما حلّ فيها بمعاني الرّبوبيّة، وأزال عنها معاني البشريّة، ومنهم من قال بالنّظر إلى الشّواهد المستحسنات، ومنهم من قال: حالّ في المستحسنات.
قال: وبلغني عن جماعة من أهل الشّام أنّهم يدّعون الرّؤية بالقلوب في الدّنيا، كالرّؤية بالعيان في الآخرة.
قال السراج: وبلغني أنّ أبا الحسين النّوريّ شهد عليه غلام الخليل أنّه سمعه يقول: أنا أعشق الله ﷿ وهو يعشقني. فقال النّوريّ: سمعت الله يقول: ﴿وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ﴾ [المائدة: ٤٥]، وليس العشق بأكثر من المحبّة.
قال القاضي أبو يعلى: وقد ذهبت الحلوليّة إلى أنّ الله ﷿ يعشق.
قال المصنّف: وهذا جهل من ثلاثة أوجه:
أحدها: من حيث الاسم، فإنّ العشق عند أهل اللّغة لا يكون إلّا لما ينكح.
والثاني: أنّ صفات الله ﷿ منقولة، فهو يحبّ، ولا يقال: يعشق، كما يقال: يعلم، ولا يقال: يعرف.
والثالث: من أين له أنّ الله تعالى يحبّه، فهذه دعوة بلا دليل، وقد قال النّبيّ ﷺ:«من قال: إنّي في الجنّة، فهو في النّار»(١).
وعن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، حكي عن عمرو المكّيّ أنّه قال: كنت أماشي الحسين بن منصور في بعض أزقّة مكّة، وكنت أقرأ القرآن، فسمع قراءتي، فقال: يمكنني أن أقول مثل هذا ففارقته.
(١) ذكره الهيثمي في «المجمع» (١/ ١٨٦)، وعزاه للطبراني في «المعجم الصغير».